للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولكن تأخذ الأفهام منه … على قدر القرائح والعلوم

ولا سيما مؤلفات أهل الإنصاف الذين لا يتعصبون لمذهب من المذاهب ولا يقصدون إلا تقرير الحق وتبيين الصواب فإن المجتهد الطالب للحق ينتفع بها ويستعين بأهلها فينظر فيما قد حرروه من الأدلة وقدروه من المباحث ويعمل فكره في ذلك فيأخذ ما يرتضيه ويزيد عليه ما بلغت إليه قدرته ووصلت إليه ملكته غير تارك للبحث عن تصحيح ما قد صححوه وتضعيف ما قد ضعفوه على الوجه المعتبر

[من لوازم الإنصاف والاجتهاد]

ومن حق الإنصاف ولازم الاجتهاد أن لا يحسن الظن أو يسيئه بفرد من أفراد أهل العلم على وجه يوجب قبول ما جاء به أو رده من غير إعمال فكر وإمعان نظر وكشف وبحث فإن هذا شأن المقلدين وصنيع المتعصبين وإن غرته نفسه بأنه من المنصفين

وأن لا يغتر بالكثرة فإن المجتهد هو الذي لا ينظر إلى من قال بل إلى ما قال فإن وجد نفسه تنازعه إلى الدخول في قول الأكثرين والخروج عن قول الأقلين أو إلى متابعة من له جلالة قدر ونبالة ذكر وسعة دائرة علم لا لأمر سوى ذلك فيعلم أنه قد بقي فيه عرق من عروق العصبية وشعبة من شعب التقليد وأنه لم يوف الاجتهاد حقه

وبالجملة فالمجتهد على التحقيق وهو من يأخذ الأدلة الشرعية من مواطنها على الوجه الذي قدمناه ويفرض نفسه موجودا في زمن النبوة وعند نزول الوحي وإن كان في آخر الزمان وكأنه لم يسبقه عالم ولا تقدمه مجتهد فإن الخطابات الشرعية تتناوله كما تناولت الصحابة من غير فرق

وحينئذ يهون الخطب وتذهب الروعة التي نزلت بقلبه من الجمهور وتزول

<<  <   >  >>