وقد تنتهي بهم التعصبات والمناقضات إلى ما هو من أنواع الجنون والحماقات القبيحة كما وقع في كتب التاريخ أن أهل السنة ببغداد أركبوا امرأة على جمل وأركبوا رجلين آخرين وسموا المرأة عائشة والرجلين طلحة والزبير ومشوا معهم وتحزبوا وتجمعوا فسمع بذلك الشيعة من أهل الكرخ فأقبلوا مشرعين بالسلاح والكراع وقاتلوا أهل السنة قتالا شديدا وضربوا المرأة المسماة عائشة والمسمى طلحة والزبير ضربا مبرحا
ومن غرائب مناقضاتهم أن الشيعة لما اجتمعوا لزيارة الحسين بن علي ﵁ في عاشوراء اجتمعت السنية وخرجوا يزورون مصعب بن الزبير وجعلوا ذلك عادة لهم في عاشوراء فانظر ما في هذه المناقضة من الجهل فإن مصعبا ليس بمستحق لذلك لأنه لم يكن معروفا بعلم ولا فضل بل أمير كبير ولى العراق من أخيه عبد الله بن الزبير وسفك من الدماء ما لا يأتي عليه الحصر وبقي كذلك حتى وقع الحرب بينه وبين عبد الملك بن مروان فخذله أهل العراق فقتل فانظر أي فضيلة لمصعب يستحق بها أن يكون للسنية كالحسين للشيعة
وبالجملة فقد حدثت بسبب الاختلاف بين الطائفتين فواقر عظيمة لو لم يكن منها إلا دخول التتر بغداد وقتلهم الخليفة والمسلمين فإن سبب ذلك الوزير الرافضي ابن العلقمي كان بينه وبن الأمير مجاهد الدين الدويدار من العداوة أمر عظيم وكان مجاهد الدين يتعصب على الشيعة