من هذه المنكرات ما حمله على أن يحرر إلي سؤالا فأجبته برسالة مطولة سميتها الدر النضيد في إخلاص التوحيد وأمرته أن يكتب نسخا ويرسلها إلى القضاة في تلك الديار ففعل ولم يؤثر ذلك شيئا بل كتب كثير من علماء تلك الديار على رسالتي مناقشات واعتراضات
فلم تمض إلا أيام قلائل حتى نزل بهم السيف وهدم الله تلك الطواغيب وذهب بتلك الاعتقادات الفاسدة فهي الآن صافية عن تلك الأمور التي كان يتلوث بها أهلها فلا يقدر أحد منهم أن يستغيث بغير الله سبحانه أو ينادي ميتا من الأموات أو يجري ذكره على لسانه ولكنه لم يغسل أدرانهم ويذيب بالكدورات التي كانت تشوب صافي إسلامهم إلا السيف وهو الحكم العدل في من استحكمت عليه نزعات الشيطان الرجيم ولم تردعه قوارع آيات الرحمن الرحيم
[مفاسد بعض أدعياء التصوف]
ويلتحق بالأمرين المذكورين أمر ثالث وإن لم تكن مفسدته كمفسدتهما ولا شموله كشمولهما وهو ما صار عليه هذه الطائفة المدعوة بالمتصوفة
فقد كان أول هذا الأمر يطلق هذا الاسم على من بلغ في الزهد والعبادة إلى أعلا مبلغ ومشى على هدى الشريعة المطهرة وأعرض عن الدنيا وصد عن زينتها ولم يغتر ببهجتها ثم حدث أقوام جعلوا هذا الأمر طريقا إلى الدنيا ومدرجا إلى التلاعب بأحكام الشرع ومسلكا إلى أبواب اللهو والخلاعة ثم جعلوا لهم شيخا يعلمهم كيفية السلوك فمنهم من يكون مقصده صالحا وطريقته حسنة فيلقن أتباعه كلمات تباعدهم من الدنيا وتقربهم من الآخرة وينقلهم من رتبة إلى رتبة على أعراف يتعارفوها ولكنه لا يخلو غالب ذلك من مخالفة للشرع وخروج عن كثير من آدابه