للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ما يخالف هذا المسلك الذي لا يسلكه المتورعون ولا يمشي عليه المتدينون فكيف إذا كان الدليل المخالف له واضح المنار ظاهر الاشتهار قريب الديار لمن سافر إليه من أهل الاعتبار

والكلام في هذا البحث طويل الذيول وقد أفرده جماعة من أهل العلم بالتصنيف وليس المراد هنا إلا مجرد التنبيه لطاب العلم وإني وإن حذرته عن العمل بهذا القياس فلا أحذره عن العلم به وتطويل الباع في معرفته والإحاطة بما جاء به المصنفون من أهل الأصول في مباحثه فإنه لا يعرف صحة ما قلته إلا من عرفه حق معرفته وقد يعرف الشيء ليجتنب ويحذر ويعرف الشر لا للشر

[الاستحسان]

وأما الاستحسان فاعلم أنهم رسموه بأنه دليل ينقدح في نفس المجتهد ويعسر عله التعبير عنه

وأنت لا يخفى عليك إن بقي لك نصيب من فهم وحظ من إنصاف أن الله لم يتعبد أحدا من عباده بدليل يستدل به أحد من علماء الأمة ويمكنه التعبير عنه وإبرازه من القول إلى الفعل إلا إذا كان صحيحا تقوم به الحجة فكيف يتعبدهم بما انقدح في نفس فرد من أفرادهم على وجه لا يمكنه التعبير عنه ولا إبرازه إلى الخارج

فإن هذا الذي انقدح في نفسه لا ندري ما هو ولا كيف هو فكيف يكون حجة على أحد من الناس وقد عجز صاحبه عن بيانه وعسرت عليه ترجمته

فبالله العجب من هذا الهذيان وكيف استجاز قائله أن يحكم عليه وأنه دليل شرعي ويفترى على الشرع ما ليس منه وعلى الله سبحانه ما لم يقله

وبالجملة تبيان فساد هذا لا يحتاج إلى إيضاح وإفهام البشر وإن بلغت في الضعف أي مبلغ وقاربت أفهام الدواب فهي لا تطلب البرهان على بطلان

<<  <   >  >>