كونها موضوعة إلى كونها صحيحة ثم من كونها صحيحة إلى كونها قطعية
فيا لله العجب من نفاق مثل هذه الأمور على كثير من أهل العلم وانقراض القرن بعد القرن والعصر بعد العصر وهي عندهم مسائل قطعية وقواعد مقررة والذنب لمن تكلم بها وذكرها في مؤلفاته ولم يقف حيث أوقفه الله من جهله بما جاء في الشريعة
وهكذا ما وقع في كثير من أبواب الفقه من ذكر قواعد يطردونها في جميع المسائل ويظنون أنها من قواعد الشرع الثابتة بقطعيات الشريعة ومن كشف عن ذلك وجد أكثرها مبنيا عل محض الرأي الذي ليس عليه إثارة من علم ولا يرجع إلى شئ من الشرع
ومن خفى عليه هذا فليعلم أن قصوره وعدم اشتغاله بالعلم هو الذي جنى عليه وغره بما لا يغتر به من عض على العلم بناجذه وكشف عن الأمور كما ينبغي
فعلى من أراد الوصول إلى الحق والتمسك بشعار الإنصاف أن يكشف عن هذه الأمور فإنه إذا فعل ذلك هان عليه الخطب ولم يحل بينه وبين الحق ما ليس من الحق
[عدم الموضوعية في عرض حجج الخصوم]
ومن أسباب الوقوع في غر الإنصاف والتمسك بذيل من الاعتساف أن يأخذ طالب الحق أدلة المسائل من مجاميع الفقه التي يعتزى مؤلفها إلى مذهب من المذاهب فإن من كان كذلك يبالغ في إيراد أدلة مذهبه ويطيل ذيل الكلام عليها ويصرح تارة بأنها أدلة وتارة بأنها حجج وتارة بأنها صحيحة ثم يطفف لخصمه المخالف فيورد أدلته بصيغة التمريض ويعنونها بلفظ الشبه وما يؤذي هذا المعنى
فإذا اقتصر طالب الحق على النظر في مثل هذه المؤلفات وقع في الباطل وهو يظنه الحق وخالف الحق وهو يظنه الباطل والذي أوقعه في ذلك