للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وبالجملة فالأسباب المانعة من الإنصاف لا تخفى على الفطن وفي بعضها دقة تحتاج إلى تيقظ وتدبر وتتفق في كثير من الحالات لأهل العلم والفهم والإنصاف

[علاج التعصب]

فالمعيار الذي لا يزيغ أن يكون طالب العلم مع الدليل في جميع موارده ومصادره لا يثنيه عنه شيء ولا يحول بينه وبينه حائل

فإذا وجد في نفسه نزوعا إلى ما غير هو المدلول عليه بالدليل الصحيح وأدرك منها رغبة للمخالفة وتأثيرا لغير ما هو الحق فليعلم عند ذلك أنه قد أصيب بأحد الأسباب السابقة من حيث لا يشعر ووقع في محنة فإن عرفها بعد التدبر فليجتنبها كما يجتنب العليل ما ورد عليه من الأمور التي كانت سببا لوقوعه في المرض وإن خفيت عليه العلة التي حالت بينه وبين اتباع الحق فليسأل من له ممارسة للعلم ومعرفة بأحوال أهله كما يسأل المريض الطبيب إذا لم يعرف علته ولا اهتدى إليها فقد يكون دفع العلة بمجرد تجنب الأسباب الموقعة فيها كالحمية التي يرشد إليها كثير من الأطباء إذا لم تكن العلة قد استحكمت وقد يكون دفعها باستعمال الأدوية التي تقاوم المادة الكائنة في البدن وتدافعها حتى تغلبها

وهكذا على التعصب فإنه إذا عرف سببه أمكن الخروج منه باجتنابه

وإن لم يعرف سأل أهل العلم المنصفين عن دواء ما أصابه من التعصب فإنه سيجد عندهم من الأدوية ما هو أسرع كشفا وأقرب نفعا وأنجع برا مما يجده العليل عند الأطباء

<<  <   >  >>