ولد محمد بن عليّ محمد بن عبد الله الشوكاني، بهجرة شوكان، من بلاد خولان باليمن؛ سنة ١١٧٣ هـ الموافقة سنة ١٧٦٠ م.
وقد نشأ الشوكاني في بيئة ميسورة الحال؛ حيث كان أبوه من العلماء الكبار، وكان يشغل منصب قاضى صنعاء؛ مما كان له أكبر الأثر في تكوين الشوكاني؛ حيث كفاه أبوه مؤنة طلب الرزق، وكفل له كل وسائل الحياة؛ مما أعانه على أن يتفرغ لطلب العلم بذهن خال من الهموم التي كثيرًا ما تعوق النوابغ عن تحصيل العلوم بالشكل الذي يتطلعون إليه.
كما كان لهذه النشأة أثر آخر، غير ذلك الأثر المادى، ألا هو توجيه أبيه العالم القاضي له منذ نعومة أظافره إلى الاشتغال المستمر بتحصيل العلوم الشرعية. وقد ابتدأ بقراءة القرآن وتجويده على أكثر من قارئ من قراء صنعاء اليمن. وفى تلك الفترة التي كان معنيا فيها بتلاوة القرآن، كان مشغولا أيضا بالاطلاع على أكثر من كتاب في الأدب العربى والتاريخ الإسلامي وحفظ أكثر من مختصر في علوم اللغة، والفقه، وأصول الدين.
وتلت هذه المرحلة مرحلة ثانية، أخذ فيها العلوم الشائعة في ذلك الوقت عن كبار علماء اليمن الذين سنتحدث عن أهمهم بشكل مجمل في فقرة مستقلة. وشأنه شأن كل النوابغ، لم يكتف باستيفاء ماعند شيوخه من كتب، وإنما كان يطلع على كتب أخرى كثيرة بشكل مستقل عنهم.
ونظرًا لما كان عليه الشوكاني من تفوق ملحوظ أثناء طلبه للعلم، فقد كان كثير من التلاميذ يلجأون إليه لكى يدرّس لهم الفن أو المصنف الذي فرغ من تعلمه. ولذا فقد كان يومه موزعا بين التلقى من شيوخه وبين الشرح والتدريس لزملائه وأقرانه.
وبعد ذلك عكف على نشر ما تعلمه من علوم بين الطلاب، فكان يدرس في اليوم ما يزيد على عشرة دروس في علوم أصول الدين، والفقه وأصوله