إليها المسائل الفروعية ويرجع إليها عند تعارض الأدلة ويعمل بها في كثير من المباحث زاعما أنها من أصول الفقه ذاهلا عن كونها من علم الرأي ولو علم بذلك لم يقع فيه ولا ركن إليه فيكون هذا وأمثاله قد وقعوا في التعصب وفارقوا مسلك الإنصاف ورجعوا إلى علم الرأي وهم لا يشعرون بشيء من ذلك ولا يفطنون به بل يعتقدون أنهم متشبثون بالحق متمسكون بالدليل واقفون على الإنصاف خارجون عن التعصب
وقل من يسلم من هذه الدقيقة وينجو من غبار هذه الأعاصير بل هم أقل من القليل وما أخطر ذلك وأعظم ضرره وأشد تأثيره وأكثر وقوعه وأسرع نفاقه على أهل الإنصاف وأرباب الاجتهاد
فإن قلت إذا كان هذا السبب كما زعمت من الغموض والدقة ووقوع كثير من المنصفين فيه وهم لا يشعرون فما أحقه بالبيان وأولاه بالإيضاح وأجرده بالكشف حتى يتخلص عنه الواقعون فيه وينجوا منه المتهافتون إليه
قلت اعلم أن ما كان من أصول الفقه راجعا إلى لغة العرب رجوعا ظاهرا مكشوفا كبناء العام على الخاص وحمل المطلق على المقيد ورد المجمل إلى المبين وما يقتضيه الأمر والنهي ونحو هذه الأمور فالواجب على المجتهد أن يبحث عن مواقع الألفاظ العربية وموارد كلام أهلها وما كانوا عليه في مثل ذلك فما وافقه فهو الأحق بالقبول والأولى بالرجوع إليه
فإذا اختلف أهل الأصول في شيء من هذه المباحث كان الحق بيد من هو أسعد بلغة العرب هذا على فرض عدم وجود دليل شرعي يدل على ذلك فإن وجد فهو المقدر على كل شيء
وإذا أردت الزيادة في البيان والتكثر من الإيضاح بضرب من التمثيل وطرق من التصوير فاعلم أنه قد وقع الخلاف في أنه هل يبنى العام على الخاص مطلقا أو مشروطا بشرط أن يكون الخاص متأخرا