للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

العصارة والقضابة ونحو ذلك من المهن الدنية والحرف الوضيعة فإن نفسه لا تفارق الدناءة ولا تجانب السقوط ولا تأبى المهانة ولا تنفر عن الضيم

فإذا اشتغل مشتغل منهم بطلب العلم ونال منه بعض النيل وقع في أمور منها العجب والزهو والخيلاء لأنه يرى نفسه بعد أن كان في أوضع مكان وأخس رتبة قاعدا في أعلا محل وأرفع موضع فإن منزلة العلم وأهله هي المنزلة التي لا تساميها منزلة وإن علت ولا تساويها رتبة وإن ارتفعت

فبينما ذلك الطالب قاعد بين أهل حرفته من أهل الحياكة أو الحجامة أو الجزارة أو نحوهم في أخس بقعة وأعظم مهانة إذ صار بين العلماء المتعلمين الذين هم في أعلا منازل الدنيا والدين

فمبجرد ذلك يحصل له من العجب والتطاول على الناس والترفع عليهم ما يعظم به الضرر على أهل العلم فضلا عن غيرهم ممن هو دونهم ومع ما ينضم إلى ذلك من السخف الذي نشأ عليه وتلقاه من سلفه وسقوط النفس وضعف العقل ونذالة الهمة ومثل تأمر الصبي لما ينشأ عليه من أخلاق آبائه لا ينكره أحد

ولهذا يقول فيما صح عنه في الصحيح كل مولود يولد على الفطرة ولكن أبواه يهودانه وينصرانه ويمجسانه فإذا كان الصغير ينطبع بطابع الكفر بسبب أبويه فما بالك بسائر الأخلاق التي يجدهما عليها

<<  <   >  >>