للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومما يقع فيه هذا الطالب الناشئ بين أهل الوضاعة المرتضع من ثدي الرقاعة أنه بحكم الطبع وألف المنشأ لا يرى في الناس إلا أهل حرفته وبني مهنته فيعود من حيث بدا ويرجع من الباب الذي خرج منه فيكون في ذلك من الإهانة للعلم والإزراء على أهله والوضع بجانبه ما لا يقادر قدره لأن هذا يراه الناس تارة في المدارس قاعدا بين أيدي شيوخ العلم مشاركا للمتعلمين وتارة يرونه في دكاكين الحجامين وحوانيت العطارين ومن جرى هذا المجرى من المحترفين

ومما يقع فيه أنه بحكم الطبع الذي استفاده من المنشأ وتطبع به من أبويه ومن يماثلهما وإن دخل في مداخل العلم وتزيا بزي أهله فهم أبغض الناس إليه وأحقرهم لديه لا يقيموا له وزنا ولا يعترف لهم بفضيلة بل يكون ديدنه وهجيراه ومعنى كلامه وفحواه هو التهاوم بهم وتحقير ما عظمه الله من أمرهم والإغراء بين أماثلهم والتعرض للمفاضلة بين فضائلهم وإدخال الشحناء بينهم بكل ممكن

ومن نكر هذا فعليه بالاستقراء والتتبع فإنه سيجد ما وجدناه ويقف على صحة ما حكيناه ولا يخرج من هؤلاء إلا النادر القليل ولا يكون ذلك إلا لعرق ينزعه إلى الشرف ويجذبه إلى الخير في سلفه القديم وإن جهله من لم يعرفه

وبالجملة فهذا ما تفيده التجربة وتشير إليه بعض الأدلة الشرعية وإذا صح قوله واضع العلم في غير أهله كمقلد الخنازير الجوهر ففيه أعظم عبرة للمعتبرين من الحاملين لعلوم الدين

وقد عزاه بعض أهل العلم إلى ابن ماجه ولا استحضره حال الرقم فيما هو في حفظ من أحاديث كتاب سنن ابن ماجه فلينظر ثم كشفت عنه فوجدته في سنن ابن ماجه عن أنس بن مالك قال رسول الله

<<  <   >  >>