طلبوا العلم فريضة على كل مسلم وواضع العلم عند غير أهله كمقلد الخنازير الجوهر واللؤلؤ والذهب وفي إسناده حفص بن سليمان البزاز وفيه مقال
وأما من كان أهلا للعم وفي مكان من الشرف فإنه يزداد بالعلم شرفا إلى شرفه ويكتسب به من حسن السمت وجميل التواضع ورائق الوقار وبديع الأخلاق ما يزيد عمله علوا وعرفانه تعظيما فيتخلق بأخلاق الأنبياء ومن يمشي على طريقهم من عامل العلماء وصالح الأمة ويعرف للعلم حقه ويعظمه بما ينبغي من تعظيمه فلا يكدره بالمطامع ولا يشوبه بالخضوع لأهل الدنيا ولا يجهمه بالتوصل به إلى ما في يد الأغنياء فيكون عنده مخدوما لا خادما ومقصودا لا قاصدا
وبين هذه الطائفتين طائفة ثالثه ليست من هؤلاء ولا من هؤلاء جعل العلم مكسبا من مكاسب الدنيا ومعيشة من معايش أهله لا غرض لهم فيه إلا إدراك منصب من مناصب أسلافهم ونيل رئاسة من الرئاسات التي كانت لهم
كما نشاهده في غالب البيوت المعمورة بالقضاء أو الإفتاء أو الخطابة أو الكتابة أو ما هو شبيه بهذه الأمور
فإن من كان طالبا للوصول إلى شئ من هذه الأمور ذهب إلى مدارس العلم يتعلم ما يتأهل به لما يطلبه وهو لا يتصور البلوغ إلى الثمرة المستفادة من العلم والغاية الحاصلة لطالبه فيكون ذهنه كليلا وفهمه عليلا ونفسه خائرة ونيته خاسرة بل غاية تصوره ومعظم فكرته في اقتناص المنصب والوصول إليه فيخدم في مدة طلبه واشتغاله أهل المناصب ومن يرجو منهم الإعانة على بلوغ مراده أكثر مما يخدم العلم ويتردد إلى أبوابهم ويتعثر في مجالسهم ويذوق به من الإهانة ما فيه أعظم مرارة ويتجرع من الغصص