وكثيرا ما يقصد الطالب الذي لم يتدرب بأخلاق المنصفين ويتهذب بإرشاد المحققين الاطلاع على مذهب من المذاهب المشهورة ولم تكن له في غيره رغبة ولا عنده لما سواه نشاط فأقرب الطريق إلى إدراك مقصده ونيل مأربه أن يبتدئ بحفظ مختصر من مختصرات أهل ذلك المذهب كالكنز في مذهب الحنفية والمنهاج في مذهب الشافعية فإذا صار ذلك المختصر محفوظا له متقنا على وجه يستغني به عن حمل الكتاب شرع في تفهم معانيه وتدبر مسائله على شيخ من شيوخ ذلك الفن حتى يكون جامعا بين حفظ ذلك المختصر وفهم معانيه مع كونه مكررا لدرسه متدبرا لمعانيه الوقت بعد الوقت حتى يرسخ حفظه رسوخا يأمن معه من التفلت
ثم يشتغل بدرس شرح مختصر من شروحه على شيخ من الشيوخ ثم يترقى إلى ما هو أكثر منه فوائد وأكمل مسائل
ثم يكب على مطالعة مؤلفات المحققين من أهل ذلك الفن فيضم ما وجده من المسائل خارجا عن ذلك المختصر قد صار محفوظا له إليه على وجه يستحضره عند الحاجة إليه
ولكنه إذا لم يكن لديه من العلم إلا ما قد صار عنده من فقه ذلك المذهب فلا ريب أنه يكون عامي الفهم سيء الإدراك عظيم البلادة غليظ الطبع