وَإِذا كَانَ الْحَال هَكَذَا فَكيف يُمكن الْوُقُوف على مَا عِنْد كل عَالم من عُلَمَاء الْإِسْلَام هَذَا بِاعْتِبَار الْأَحْيَاء وَهُوَ فِي أهل العصور المنقرضة من الْأَمْوَات أَشد بعدا وَأعظم تعذرا فَإِنَّهُ لَا سَبِيل إِلَى ذَلِك إِلَّا مَا يُوجد فِي المصنفات وَمَا كل من يعْتد بِهِ فِي الْإِجْمَاع يشْتَغل بالتصنيف بل المشتغلون بذلك مِنْهُم هم الْقَلِيل النَّادِر وَمَعَ هَذَا فَمن اشْتغل مِنْهُم بالتصنيف لَا يحظى بانتشار مؤلفاته مِنْهُم إِلَّا أقلهم وَهَذَا مَعْلُوم لكل أحد لَا يكَاد يلتبس
وَلَا شكّ أَن من الْمُلُوك من يصر على أَمر مُخَالف للشَّرْع فَلَا يَسْتَطِيع أحد من أهل الْعلم أَن يُنكر عَلَيْهِ أَو يظْهر مُخَالفَته تقية ومحاذرة ورغبة فِي السَّلامَة وفرارا من المحنة وَبِالْجُمْلَةِ فالدنيا مُؤثرَة فِي كل عصر وَإِذا عجز الْملك عَن إِظْهَار مذْهبه على فرض أَنه من أهل الْإِدْرَاك وَالْحَال أَن بِيَدِهِ السَّيْف وَالسَّوْط فَمَا ظَنك بعالم المستضعف لم يكن بِيَدِهِ إِلَّا أقلامه ومحبرته