للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من رسله فقد كانوا يدبرون عباد الله بتدبيرات فيها من الرفق واللطف وحسن المسلك ما لا يخفى على أهل العلم فإن نبينا قد تألف رؤساء المشركين وهم إذ ذاك حديثو عهد بجاهلية وترك المهاجرين والأنصار من الغنيمة وسيوفهم تقطر من دماء المؤلفين واتباعهم ومن يشاكلهم فيما كانوا عليه وصح عنه أنه ترك من كان منافقا على نفاقه وعصمهم بظاهر كلمة الإسلام ولم يكشفهم ويتلف مما عندهم بعد أن ظهر منهم ما ظهر من النفاق كعبد الله بن أبي سلول رأس المنافقين وقال لا يتحدث الناس أن محمد يقتل أصحابه وقد اشتمل الكتاب والسنة على ما كان يقع من الأنبياء من تدبير أمرهم والرفق بهم واغتنام الفرص في إرشادهم وإلقاء ما يحدوبهم إلى الحق في الوقت بعد الوقت والحالة بعد الحالة على حسب ما تقبله عقولهم وتحتمله طبائعهم وتفهمه أذهانهم

فالعالم الذي أعطاه الله الأمانة وحمله الحجة وأخذ عليه البيان يورد الكلام مع كل أحد على حسب ما يقبله عقله وبقدر استعداده

فإن كان كلامه مع أهل العلم الذين يفهمون الحجة ويعقلون البرهان ويعلمون أن الله سبحانه لم يتعبد عباده إلا بما أنزله في كتابه وعلى لسان رسوله وحال بينهم وبين الالتفات إلى ذلك والرجوع إليه والعمل عليه ما تكدرت به فطرهم وتشوشت عنده أفهامهم من اعتقاد حقية لتقليد أو استعظام الأموات من أهل العلم أو استقصار أنفسهم عن معرفة الحق بنص الدليل فعليه أن يعتمد معهم تسهيل ما تعاظموه من الوقوف على الحق قائلا

إن الله تعبد جميع هذه الأمة بما في الكتاب والسنة ولم يخص بفهم ذلك

<<  <   >  >>