للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تعليمهم معالم الْإِنْصَاف وهدايتهم إِلَى طرق الْحق مَا يُوجب جمودهم على مَا هم عَلَيْهِ واعتقادهم أَن الْحق مَقْصُور عَلَيْهِ منحصر فِيهِ وَأَن غَيره لَيْسَ من الدّين وَلَا هُوَ من الْحق فَإِذا سمع عَالما من الْعلمَاء يُفْتى بِخِلَافِهِ أَو يعْمل على مَا لَا يُوَافقهُ اعْتقد أَنه من أهل الضلال وَمن الدعاة إِلَى الْبِدْعَة وَهَذَا إِذا عجز عَن إِنْزَال الضَّرَر بِهِ بِيَدِهِ أَو لِسَانه فَإِن تمكن من ذَلِك فعله مُعْتَقدًا أَنه من أعظم مَا يتَقرَّب بِهِ إِلَى الله ويدخره فِي صَحَائِف حَسَنَاته ويتأجر الله

وَهَذَا مَعْلُوم لكل أحد وَقد شاهدنا مِنْهُ مَالا يَأْتِي عَلَيْهِ حصر وَلَا تحيط بِهِ عبارَة بل قد بلغ هَذَا المتعصب فِي معاداة من يُخَالِفهُ إِلَى حد يُجَاوز بِهِ عدواته للْيَهُود وَالنَّصَارَى وَلَو علم المخدوع الْمَغْرُور بِأَن سَعْيه ضلال وَعَمله وبال وَأَنه من (الأخسرين أعمالا الَّذين ضل سَعْيهمْ فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا وهم يحسبون أَنهم يحسنون صنعا) لأقصر عَن غوايته وأرعوى عَن بعض جَهله لكنه جهل قدر نَفسه وخسران سَعْيه وتحامي غَيره من أهل الْمعرفَة والفهم إرشاده إِلَى الْحق وتنبيهه على فَسَاد مَا هُوَ فِيهِ مَخَافَة على نَفسه مِنْهُ وَمِمَّنْ يشابهه فِي ذَلِك فتعاظم الْأَمر وَعم الْبلَاء وتفاقم الْأَمر وَعم الضَّرَر

وَلَو نظر ذَلِك المتعصب بِعَين الْإِنْصَاف وَرجع إِلَى عقله وَمَا تَقْتَضِيه فطرته الْأَصْلِيَّة لكف عَن فعله وأقصر عَن غيه وجهله وَلكنه قد حيل بَينه وَبَين ذَاك وَفرغ الشَّيْطَان مِنْهُ إِلَّا من عصم الله وَقَلِيل مَا هم

وَهَكَذَا صَاحب الْمعرفَة وحامل الْحجَّة وثاقب الْفَهم لَو وَطن نَفسه على الْإِرْشَاد وَتكلم بِكَلِمَة الْحق وَنصر الله سُبْحَانَهُ وَنصر دينه وَقَامَ فِي تَبْيِين مَا أمره الله بتبيينه لحمد مسراه وشكر عاقبته وَأرَاهُ الله سُبْحَانَهُ من بَدَائِع صنعه وعجائب وقايته وَصدق مَا وعد بِهِ من قَوْله (ولينصرن الله من ينصره) (إِن تنصرُوا الله ينصركم وَيثبت أقدامكم) مَا يزِيدهُ

<<  <   >  >>