وقد يقوم شيطان من شياطين المقلدة ومخذول من مخذولي المشتغلين بالرأي فيجادل عن هذه الوصايا والنذر ورد الهبات ونحوها وينزلها منزلة الوصايا والنذور والهبات الشرعية ويورد ما قاله من يقلده ممن يستعظم الناس كلامه ويقتدون بمذهبه ويحكى لهم ما صرح به في هذه الأبواب ونحوها من مصنفاته غير متعقل الفرق بين هذه الطواغيت وبين تلك الأمور الشرعية ولا فاهم للمغايرة الكلية ولا متأمل للأسباب التي تصدر عنها تلك الأمور وأن أهل العلم بأسرهم إنما تكلموا في مصنفاتهم على الأمور الشرعية لا الأمور الجاهلية وأن مجرد الاسم لا يحلل الحرام ولا يحرم الحلال كما لو سميت الخمر ماء أو الماء خمرا فإنه لو كان الحكم يدور على التسمية لكان الخمر المسمى ماء حلالا وكان الماء المسمى خمرا حراما
وهذا خرق للشرع وهتك للدين ومن اغتر فليس من النوع الإنساني بل من النوع البهيمي ولا ينبغي الكلام نعه بل يقال له هذا الذي فيه النزاع ليس هو ما تكلم عليه من تقلده وتقتدي به بل هو شئ آخر يضاده ويخالفه لأن أهل الشرع إنما يتكلمون على الأمور الشرعية وهذا ليس شرعي بل طاغوتي فإن فهم هذا استراح منه وإن لم يفهمه ففي السكوت راحة من تحمل كرب مخاطبة السفهاء
ولقد وقعنا مع جماعة من مقصري القضاة والمفتين في هذه المسألة في أمور عظيمة وخطوب جسيمة وفتن كبيرة لا يتسع المقام لبسطها والحق منصور والباطل مخذول ولله الحمد
وأعظم ما يتمسكون به من التغرير على العوام والتزوير على الملوك ومن يقدر على القيام بنصرهم استكثارهم من قولهم هذا خالف المذهب فعل كذا قال كذا ولم يخالف في الواقع إلا الطاغوت ولا نصر إلا الشرع
فليحذر طالب العلم من الاغترار بمثل ذلك والروعة منه فإن العاقبة للمتقين والله ناصر المحقين والأعمال بالنيات ولقد تلطف المحبون لهذه الطواغيت والمساعدون لهم على كتبها لما صممت على إبطالها وأبطلها