ومن أعظم الذرائع الشيطانية والوسائل الطاغوتية أنهم بالغوا في التأنق فين عمارة قبور من يعتقدونه من الصالحين ونصبوا عليها القباب وجعلوا على أبوابها الحجاب ووضعوا عليها من الستور العالية والآلات الرائعة ما يبهر الناظر إليه ويدخل الروعة في قلبه ويدعوه إلى التعظيم كما جبلت عليه طبائع العوام من دخول المهابة في قلوبهم والروعة في عقولهم بما يتعاطاه المريدون لذلك كما يفعله غالب ملوك الدنيا من المبالغة في تزيين منازلهم وتعظيمها والتألق في بنائها والاستكثار من الحجاب والخدم والصياح والجلبة وارتباط الأسود ونحوها من الحيوانات ولبس فاخر الثياب قاصدين بذلك تربية المهابة لهم والمخافة منهم وصنع هؤلاء القبوريون كصنعهم ففعلوا في الأموات من جوالب التعظيم وأسباب الهيبة ما يكون له من التأثير في قلوب من يزورهم من العامة ما لا يقادر قدره ثم يزيد ذلك قليلا قليلا حتى يحصل لهم من الاعتقاد في أولئك الأموات ما يقدح في إسلامهم ويخدش في توحيدهم
ولو اتبع الناس ما أرشد إليه الشارع من تسوية القبور كما ثبت في صحيح مسلم وغيره من حديث أبي الهياج قال قال لي علي بن أبي طالب ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله ﷺ أن لا تدع قبرا مشرفا إلا سويته ولا تمثالا إلا طمسته فانظر كيف بعث رسول الله ﷺ أميرا لهدم القبور المشرفة وطمس التماثيل هو أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ﵁ ثم بعث علي أيام خلافته أميرا على ذلك هو أبو الهياج
وأخرج أبو داود وابن ماجه وابن حبان والحاكم من حديث جابر أن النبي ﷺ نهى أن يجصص القبور وأن يبني عليه