والفرار عن زينتها مع تلك الوظائف التي يلازمونها من التخشع والإنكسار والتلهب والتأسف والصراخ تارة والهدوء تارة أخرى والرياضيات والمجاهدات ملازمة أذكار يذكرون بها لم ترد في الشرع على صفات لم يأذن الله بها مع ملازمة تلك الثياب الخشنة الدرنة والقعود في تلك المساطب القذرة وما ينضم إلى ذلك من ذلك الهيام والشطح والأحوال التي لو كان فيها خير لكانت لرسول الله ﷺ وأصحابه الذين هم خير القرون
ولا أنكر أن في هذه الطائفة من قد بلغ في تهذيب نفسه وغسلها من الطواغيب الباطنة والأصنام المستورة عن الناس كالحسد والكبر والعجب والرياء ومحبة الثناء والشرف والمال والجاه مبلغا عظيما وارتقى مرتقا جسيما
ولكني أكره له أن يتداوى بغير الكتاب والسنة وأن يتطبب بغير الطب الذي اختاره الله لعباده فإن في القوارع القرآنية والزواجر المصطفوية ما يغسل كل قذر ويرخص كل درن ويدمغ كل شهية ويدفع كل عارض من عوارض السوء
فأنا أحب لكل عليل في الدين أن يتداوى بهذا الدواء فيعكف على تلاوة كتاب الله متدبرا له متفهما لمعانيه باحثا عن مشكلاته سائلا عن معضلاته ويستكثر من مطالعة السيرة النبوية ويتدبر ما كان يفعله رسول الله ﷺ في ليله ونهاره ويتفكر في أخلاقه وشمائله وهديه وسمته وما كان عليه أصحابه وكيف كان هديهم في عبادتهم ومعاملاتهم
فإنه إذا تداوى بهذا الدواء ولاحظته العناية الربانية وجذبته الهداية الإلهية فاز بكل خير مع ماله من الأجر الكثير والثواب الكبير في مباشرة هذه الأسباب
وإذا حال بينه وبين الانتفاع بهذه الأمور حائل ومنعه من الظفر بما يترتب عليها مانع فقد نال بتلك الأسباب التي باشرها أجرا عظيما لأنه طلب الخير