للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المجتهدين ليست بحجة على أحد ولا هي من الشريعة في شيء بل هي مختصة بمن صدرت عنه لا تتعداه إلى غيره ولا يجوز له أن يحمل عليه أحدا من عباد الله ولا يحل لغيره أن يقبلها عنه ويجعلها حجة عليه يدين الله بها فإن هذا شيء لم يأذن الله به وأمر لم يسوغه لأحد من عباده

ولا يغرك ما استدل به القائلون بجواز التقليد فإنه لا دلالة في شيء مما جاءوا به على محل النزاع وقد أوضحنا ذلك في مؤلف مستقل وهو القول المفيد في حكم التقليد فارجع إليه إن بقي في صدرك حرج فإنك تقف فيه على ما يريحك وينثلج به صدرك ويفرح عنده روعك

فإن قلت وكيف يقتدر على تصور ما أرشدت إلى تصوره ويتمكن من توطين نفسه على ما دللت عليه من أراد الشروع في العلم بادئ بدء وهو إذ ذاك لا يدري ما الشرع ولا يتعقل الحجة ولا يعرف الإنصاف ولا يهتدي إلى ما هديته إليه إلا بعد أن يتمرن ويمارس ويكون له من العلم ما يفهم به ما تريد منه

قلت ما أرشدك إليه يعرف بمجرد العقل وسلامة الفطرة وعدم ورود ما يرد عليها مما يغيرها وعلى فرض ورود شيء من المغيرات عليها كاعتقاد حقية التقليد ونحوه فارتفاع ذلك يحصل بأدنى تنبيه فإن هذا أمر يقبله الطبع بأول وهلة لمطابقته للواقع وحقيته وكل ما كان كذلك فهو مقبول والطبائع تنفعل له انفعالا بأيسر عمل وأقل إرشاد وهذا أمر يعلمه كل أحد ويشترك في معرفته أفراد الناس على اختلاف طبقاتهم ولهذا نبه عليه الشارع فقال كل مولود يولد على الفطرة ولكن أبواه يهودانه وينصرانه ويمجسانه وهو ثابت في الصحيح

<<  <   >  >>