للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الخوف ويفرون من الفزع

فلم أجد لي رخصة في البعد عن مجالس التدريس

وعدت وكان أول درس عاودته عند وصولي إلى الجامع في أصول الفقه بين العشائين فانقلب من بالجامع وتركوا ما هم فيه من الدرس والتدريس ووقفوا ينظرون إلي متعجبين من الإقدام على ذلك لما قد تقرر عندهم من عظم الأمر وكثرة التهويل والوعيد والترهيب حتى ظنوا أنه لا يكمن البقاء في صنعاء فضلا عن المعاودة للتدريس ثم وصل وأنا في حال ذلك الدرس جماعة لم تجر لهم عادة بالوصول إلى الجامع وهم متلفعون بثيابهم لا يعرفون وكانوا ينظرون إلي ويقفون قليلا ثم يذهبون ويأتي آخرون حتى لم يبق شك مع أحد أنها إن لم تحصل منهم فتنة في الحال وقعت مع خروجي من الجامع فخرجت من الجامع وهم واقفون على مواضع من طريقي فما سمعت من أحدهم كلمة فضلا عن غير ذلك

وعاودت الدروس كلها وتكاثر الطلبة المتميزون زيادة على ما كانوا عليه من كل فن وقد كانوا ظنوا أنه لا يستطيع أحد أن يقف بين يدي مخافة على أنفسهم من الدولة والعامة فكان الأمر على خلاف ما ظنه وكنت أتعجب من ذلك وأقول في نفسي هذا من صنع الله الحسن ولطفه الخفي لأن من كان الحامل له على ما وقع الحسد والمنافسة لم ينجح كيده بل كان الأمر على خلاف ما يريد

ومن عجيب ما أشرحه لك أنه كان في درس بالجامع بعد صلاة العشاء الآخرة في صحيح البخاري يحضره من أهل العلم الذين مقصدهم الرواية وإثبات السماع جماعة ويحضره من عامة الناس جمع جم لقصد الاستفادة بالحضور

فسمع ذلك وزير رافضى من وزراء الدولة وكانت له صولة وقبول كلمة بحيث لا يخالفه أحد وله تلعق بأمر الأجناد فحمله ذلك على أن

<<  <   >  >>