اللهم إني أحمدك على جميل صنعك وجزيل فضلك وجميل طولك حمدا يتجدد بتجدد الأوقات ويتعدد بعدد المعدودات وإني لم أكن أهلا لما أوليته فأنت له أهل وبه حقيق لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك
ومما أسوقه إليك أيها الطالب وأعجبك منه أنه كان لي صديق بمدينة من مدائن اليمن جمعني وإياه الطلب والإلفة والوداد وكان عالي القدر رفيع المنزلة في العلم كبير السن بعيد الصيت مشهور الذكر ولعله كان يفيد الطلبة في الفقه قبل مولدي وقرأ عليه بعض شيوخي ورحل إلى صنعاء وطلب علوم الاجتهاد في أيام طلبي لها وكان بيني وبينه من المودة أمر عظيم وله معي مذاكرات ومباحثات وترسلات في فوائد كثيرة هي في مجموع رسائلي
فلما حدث ما حدث من قيام ما قام علي من الخاصة والعامة وكان إذا ذاك قد فارق صنعاء وعاد إلى مدينته وعكف عليه الطلبة واستفادوا به في الفنون فقاموا عليه وقالوا إنه بلغ إلينا ما حدث من أليفك الذي تكثر الثناء عليه والمذاكرة له من مخالفة المذهب والتظهر بالاجتهاد فإن كنت موافقا له قمنا عليك كما قام عليه أهل صنعاء وإن كنت تخالفه فيما ظهر منه فترسل عليه
فوصلت منه رسالة في عدة كراريس وما حمله على ذلك إلا المداراة لهم والتقية منهم وظاهرها المخالفة وباطنها الموافقة مع حسن عبارة وجودة مسلك ولم أستنكر ذلك منه ولا أنبته عليه فإن الصدع بالحق والتظهر بما لا يوافق الناس من الحق لا يستطيعه إلا الأفراد وقليل ما هم
ووصلت رسائل من جماعة آخرين من مدائن بعيدة من صنعاء فيها ما هو موافق لي مقو لما ذهبت إليه وفيها ما هو مخالف لذلك ﴿ولا يزالون مختلفين﴾