للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الساقط والتقوية للقول الفاسد إلا على وجه لا يخفى على أهل الإتقان ولا يلتبس عند العارفين وهو في زعمه قد أرضى الخاصة والعامة وسلك مسلكا في غاية التحذلق ونهاية التبصر وهو لا يشعر بأن الخاصة من أهل التحقيق في غنى عن رمزه وهمزه وتحذلقه فإنهم يعرفون مسالك الحق بدون زعمه ويأخذون الصواب من معادنه فنفاق ما جاء به لديهم غاية ما فيه أنهم لا يطعنون عليه بالجهل والقصور والبلادة وبعد الإدراك ولكنه قد فتح للمقصرين أبواب الطعن على الأدلة الصحيحة وزادهم إلى ما لديهم من البلايا الباطلة بلايا أخرى وجعل بينهم وبين الرجوع إلى الحق ردما فوق الردم الذي قد كان معمورا ورفع أبنية الباطل وشيدها ولم يهدم منها بتصنيفه حجرا ولا مدرا لأنه لقنهم المطاعن على الشرع وفتح لهم أبواب المقال على الأدلة وهم لا يعرفون أن اعتراضهم فاسد وأنه لا ينفق ولا يصلح لقصور أفهامهم عن إدراك ما هو صحيح أو باطل وضعف معارفهم عن البلوغ إلى درجة التمييز فزادهم بما أفادهم شرا إلى شرهم وتعصبا إلى تعصبهم وبعدا عن الحق إلى بعدهم ولم ينتفع الخاصة بشيء مما جاء به من الألغاز بل أنزل بهم من الضرر ما لم يكن قبله فإن أهل التعصب يصولون عليهم باعتراضه ويجولون ويدفعون به في وجه من قال بضعف دليل القول الذي قاله من يقلدونه ويجعلون ذلك ذريعة لهم إلى الاغتباط بما هم فيه والتهالك على ما ألفوه ووجدوا عليه آباهم

وإنما التصنيف الذي يستحق أن يقال له تصنيف والتأليف الذي ينبغي لأهل العلم الذين أخذ الله عليهم بيانه وأقام لهم على وجوبه عليهم برهانه هو أن ينصروا فيه الحق ويخذلوا به الباطل ويهدموا بحججه أركان البدع ويقطعوا به حبائل التعصب ويوضحوا فيه للناس ما نزل إليهم من البينات والهدى ويبالغوا في إرشاد العباد إلى الإنصاف ويحببوا إلى قلوبهم العمل بالكتاب السنة وينفروهم من اتباع محض الرأي وزائف المقال وكاسد الاجتهاد ولا يمنعهم من ذلك ما يخيله لهم الشيطان ويسوله من أن هذا التصنيف لا ينفق عند المقلدة أو يكون سببا لجلب فتنة أو نزول مضرة أو

<<  <   >  >>