للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَإِذا كَانَ هَذَا شَأْنهمْ فِي الْأُمُور الدُّنْيَوِيَّة الَّتِي هِيَ سريعة الزَّوَال قريبَة الاضمحلال فَكيف لَا يكون ذَلِك من مطَالب المتوجهين إِلَى مَا هُوَ أشرف مطلبا وَأَعْلَى مكسبا وَأَرْبع مرَادا وَأجل خطرا وَأعظم قدرا وأعود نفعا وَأتم فَائِدَة وَهِي المطالب الدِّينِيَّة مَعَ كَون الْعلم أَعْلَاهَا وأولاها بِكُل فَضِيلَة وأجلها وأكملها فِي حُصُول الْمَقْصُود وَهُوَ الْخَيْر الأخروي فَإِن الله سُبْحَانَهُ قد قرن الْعلمَاء فِي كِتَابه بِنَفسِهِ وَمَلَائِكَته فَقَالَ (شهد الله أَنه لَا إِلَه إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَة وَأولُوا الْعلم)

وَقصر الخشية لَهُ الَّتِي هِيَ سَبَب الْفَوْز لَدَيْهِ عَلَيْهِم فَقَالَ (إِنَّمَا يخْشَى الله من عباده الْعلمَاء)

وَأخْبرهُ عباده بِأَنَّهُ يرفع عُلَمَاء أمته دَرَجَات فَقَالَ (يرفع الله الَّذين آمنُوا مِنْكُم وَالَّذين أُوتُوا الْعلم دَرَجَات)

وَأخْبرنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِأَن الْعلمَاء وَرَثَة الْأَنْبِيَاء

وناهيك بِهَذِهِ المزية الجليلة والمنقبة النبيلة فَأكْرم بِنَفس تطلب غَايَة المطالب فِي أشرف المكاسب وأحبب بِرَجُل أَرَادَ من الْفَضَائِل مَا لَا تدانيه فَضِيلَة وَلَا تساميه منقبة وَلَا تقاربه مكرمَة فَلَيْسَ بعد مَا يتصوره أهل الطَّبَقَة الأولى مُتَصَوّر فَإِن نالوه على الْوَجْه الَّذِي تصوروه فقد ظفروا من خير العاجلة والآجلة وَشرف الدُّنْيَا وَالْآخِرَة بِمَا لَا يظفر بِهِ إِلَّا من صنع صنيعهم ونال نيلهم وَبلغ مبالغهم وَإِن اخترمهم دونه مخترم وَحَال بَينهم وَبَينه حَائِل فقد أعذروا وَلَيْسَ على من طلب جسميا ورام أمرا عَظِيما

<<  <   >  >>