الأدوية المفردة الباردة فتقابل برودة التراب حرارة المرض، لا سيما إن كان التراب قد غُسل وجُفف، ويتبعها أيضًا كثرة الرطوبات الردية والسَّيلان، والتراب مجفف لها، مزيل بشدة يبسه وتجفيفه للرطوبة الردية المانعة من برئها، ويحصل به مع ذلك تعديل مزاج العضو العليل، ومتى اعتدل مزاج العضو قويت قواه المدبرة، ودفعت عنه الألم بإذن اللَّه.
ومعنى الحديث: أنه يأخذ من ريق نفسه على إصبعه السبابة، ثم يضعها على التراب، فيعلق بها منه شيء، فيمسح به على الجرح، ويقول هذا الكلام، لما فيه من بركة ذكر اسم اللَّه، وتفويض الأمر إليه، والتوكل عليه، فينضم أحد العلاجين إلى الآخر، فيقوى التأثير.
وهل المراد بقوله:«تربة أرضنا» جميع الأرض، أو أرض المدينة خاصة؟ فيه قولان، ولا ريب أن من التربة ما يكون فيه خاصية، ينفع بخاصيته من أدواء كثيرة، ويشفي به أسقامًا رديئة.
قال جالينوس: رأيت بالإسكندرية مطحولين ومُستسقين، كثيرًا يستعملون طين مصر، ويطلون به على سوقهم وأفخاذهم وسواعدهم وظهورهم وأضلاعهم، فينتفعون به منفعة بينة، قال: وعلى هذا النحو فقد ينفع هذا الطلاء للأورام العفنة والمترهلة الرخوة. قال: وإني لأعرف قومًا ترهلت أبدانهم كلها من كثرة