روى الإمام أحمد في مسنده والبخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول اللَّه -صلى الله عليه وسلم- قال:«عَلَيْكُمْ بِهَذِهِ الْحَبَّةِ السَّوْدَاءِ فَإِنَّ فِيهَا شِفَاءً مِنْ كُلِّ دَاءٍ إِلَّا السَّامَ» والسَّامُ الْمَوْتُ (١).
قال الخطابي: قوله: «مِنْ كُلِّ دَاء»، هو من العام الذي يراد به الخاص؛ لأنه ليس في طبع شيء من النبات ما يجمع جميع الأمور التي تقابل الطبائع في معالجة الأدواء بمقابلها، وإنما المراد أنها شفاء من كل داء يحدث من الرطوبة، وقال أبو بكر بن العربي: العسل عند الأطباء أقرب إلى أن يكون دواء من كل داء من الحبة السوداء، ومع ذلك فإن من الأمراض ما لو شرب صاحبه العسل لتأذى به، فإن كان المراد بقوله في العسل {فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ} الأكثر الأغلب، فحمل الحبة السوداء على ذلك أولى.
وقال غيره: كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يصف الدواء بحسب ما يشاهده من حال المريض، فلعل قوله في الحبة السوداء وافق مرض من
(١) المسند (٢/ ٢٣٣) برقم ٧٢٨٧ واللفظ له، وصحيح البخاري برقم ٥٦٨٨، وصحيح مسلم برقم ٢٢١٥.