للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كله بعد معرفة الجسم المراد علاجه، ومكانه من هذه الطبائع الأربعة ودرجته منها. وفي الطب النبوي روى أبو داود في سننه عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَأْكُلُ الْبِطِّيخَ بِالرُّطَبِ فَيَقُولُ: «نَكْسِرُحَرَّ هَذَا بِبَرْدِ هَذَا، وَبَرْدَ هَذَا بِحَرِّ هَذَا» (١) (٢).

راجع ما تقدّم ص ٥٧ لزامًا.

وفي الصحيحين من حديث ابن عمر -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أرشد إلى دواء الحمى وهي حارة، فقال: «الْحُمَّى مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ، فَأَبْرِدُوهَا بِالْمَاءِ» (٣).

[الرابعة: التشخيص]

كل مرض له أعراض وأسباب، أما الأعراض فظاهرة، وأما الأسباب فإنها تختلف مع كون المرض واحدًا، فقد يشتكي اثنان من ألم واحد، وسبب أحدهما غير سبب الآخر، ومن هنا تكمن أهمية التشخيص، فإنه يترتب عليه الدواء، وإذا لم يكن الدواء مناسبًا للسبب ضر ولم ينفع، فكم سمعنا عن حالات مرضية ساءت بعد العلاج، وربما بلغ حد الموت، ويرجع ذلك إلى أن التشخيص غير صحيح، أو قاصر، ولذلك فإن كبار الأطباء القدامى لا يهمهم كثيرًا أمر الدواء؛ لأنه من اختصاص الصيدلاني، أما


(١) برقم ٣٨٣٦، وحسنه الشيخ الألباني -رحمه الله- كما في صحيح سنن أبي داود برقم ٣٢٤٩.
(٢) للاستزادة انظر كتاب المغني في تدبير الأمراض ومعرفة العلل والأعراض لشيخ أطباء العراق أبي الحسن سعيد بن هبة الله البغدادي المعروف بالعشاب.
(٣) صحيح البخاري برقم ٣٢٦٤، وصحيح مسلم برقم ٢٢٠٩.

<<  <   >  >>