للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عليه القلب واللسان، فإن هذا نوع محاربةٍ، والمحارب لا يتم له الانتصاف من عدوه بالسلاح إلا بأمرين: أن يكون السلاح صحيحًا في نفسه جيدًا، وأن يكون الساعد قويًّا، فمتى تخلف أحدهما لم يُغن السلاح كبير طائل، فكيف إذا عُدم الأمران جميعًا، يكون القلب خرابًا من التوحيد والتوكل والتقوى والتوجه، ولا سلاح له؟».

والثاني: من جهة المعالج بأن يكون فيه هذان الأمران أيضًا، حتى إن من المعالجين من يكتفي بقوله: اخرج منه، أو يقول: بسم اللَّه، أو يقول: لا حول ولا قوة إلا باللَّه، والنبي -صلى الله عليه وسلم- كان يقول: «اخْرُجْ عَدُوَّ اللَّهِ، أَنَا رَسُولُ اللَّهِ» (١).

وكان يعالج بآية الكرسي، ويأمر بكثرة قراءة المصروعين ومن يعالجه لها، وبقراءة المعوذتين.

وبالجملة، فهذا النوع من الصرع وعلاجه لا ينكره إلا قليل


(١) قال محققو زاد المعاد (٤/ ٩٢): أخرجه وكيع في الزهد (٥٠٨) عن الأعمش، عن المنهال بن عمرو، عن يعلى بن مرة -رضي الله عنه- به في حديث طويل، وعنه رواه أحمد (١٧٥٦٣) مختصرًا، وهنَّاد في الزهد (١٣٤١)، وصححه الحاكم (٢/ ٦١٧)، وتُعقب بأن المنهال لم يسمع من يعلى، وأخرجه أحمد (١٧٥٦٥) وعبد ابن حميد (٤٠٥) من طريق عطاء بن السائب وهو مختلط، عن عبداللَّه بن حفص - وهو مجهول - عن يعلى. وأخرجه ابن أبي شيبة (٢٤٠٣١، ٢٤٠٥٥، ٣٢٤١٢) وأحمد (١٧٥٤٨) من طريق عبدالرحمن ابن عبدالعزيز عن يعلى بنحوه. قال ابن كثير البداية والنهاية (٩/ ١٥): «فهذه طرق جيدة متعددة تفيد غلبة الظن أو القطع عند المتبحر أن يعلى حدَّث بهذه القصة في الجملة»، وهو في السلسلة الصحيحة (٤٨٥). وفي الباب عن عثمان بن أبي العاص والوازع بن الزارع وأسامة بن زيد وجابر بن عبدالله وغيلان بن سلمة وابن عباس -رضي الله عنهم-.

<<  <   >  >>