للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

واسم الفاعل والمصدر يبنيان على الفعل، فتقول: متَّعد، ومتَّزن، وبينهما اتِّعاد واتِّزان، ومتى كان الفعل متعدياً كان اسم المفعول على ذلك أيضاً، إلاّ أنه ينفصل عن الفاعل بانفتاح الهاء فيه، فتقول: هو متَّهب له، لما صلح أن يقول: اتَّهبته.

واعلم أن اسم المكان والمصدر اللذين يكونان بزيادة الميم يكونان في هذا الباب على مفعِل نحو: موعد، ومودِق، وموزِن، ومورد، وموضِع، إلاّ أحرفاً شذت: كموهَب اسم رجل بفتح الهاء، وإنما هو مصدر وهب، ويدل على أن الأصل فيه مفعِل بكسر العين قولك: موهِبة الله حسنة، وموحَد، إذا قلت: جاء القوم موحَد موحَد، كما تقول: جاء القوم أُحادَ أُحادَ، وموكَل اسم موضع، وكان القياس فيه أن يقال: موحِد، وموهِب، وموكِل.

فأما ما اعتل عينه، فالمصدر على مفعَل، مفتوح العين، ويعتل كما اعتل فعله نحو: المقال، والمزار، والمقام، والمرام، وإن جمعت صحت الواو لبعد الجمع من الواحد وكونها في موضع الحركة، تقول: مقاوم، هذا في بنات الواو، لأنه كله يفعُل بضم العين، وفي بنات الياء جاء في المصدر مفعَل بفتح العين، وهو القياس نحو: المعاش، وجاء فيه مفعِل بالكسر أيضاً نحو: المحِيض، والقياس في مفعِل في مثله أن يكون اسم المكان لأنه جاء كله على يفعِل بكسر العين، وأما ما اعتل لامه، فمفعَل منه مفتوح اسماً كان أو مصدراً، نحو: المغزى، والمدعى، والمرعى، والمرسى، والمجرى.

واعلم أن اسم المفعول، واسم الفاعل من الأول يصحان كواهِب، وموهوب، وواعد، وموعود، وإن بنيت أفعَل كأوعَد، وأورق، وأورث، فإنه يثبت الواو، وكذلك في اسم الفاعل، والمفعول، تقول: موعِد، للفاعل، وموعَد، للمفعول، ومصدره يكون على إفعال، كإيْعاد، وإيْراق، تنقلب الواو ياء لانكسار ما قبله، وعلى هذا انقلابه في مثل: مِيعاد، ومِيزان، ولو بنيت منه استفعل لصح الواو أيضاً، تقول: استوهب، وفي المصدر ينقلب أيضاً لانكسار ما قبله، تقول: اسْتيهاب، واسْتيراق، في مصدر استورق، فاعلمه، وقس ما لم نذكره على ما ذكرناه.

وأما ما اعتل عينه كقال، ونام، ودام، فإنه يعتل في: أفعل، وافتعل، واستفعل، وانفعل، وما أشبهه بانقلاب عينه، تقول: أقالَ يُقيل، واقتالَ يقتال، واستقال يستقيل، وانقاد ينقاد، وانقلاب العين في هذه المواضع إما أن يكون لتحركه وانفتاح ما قبله، ألا ترى أن اختار أصله اخْتير، واقتالَ أصله اقْتول، وانقاد أصله انْقود، وإما أن يكون لإلقاء حركة العين على ما قبله، ألا ترى أن أقال أصله أقول، وأن استقاد أصله استقود، واستقال أصله استقول، واستمال أصله استميل.

واسم الفاعل والمفعول يعتل في الكل، تقول: هو مَقيل، والمفعول: مُقال، ومستقيل، ومستقال، وهو مختار، والشيء مختار، يكون للمفعول على وزنه للفاعل، وهو منقاد، والعلة في انقلاب العينات في هذه المواضع على ما تقدم.

وإن بنيت لما لم يسم فاعله قلت: اخْتير، واعْتيد، وابتيع، فعل به على ما فعل في قيل، وسير به، وفي هذا من اللغات مثل ما قيل في قيل، وبيع، فاعلمه.

وقد جاءت أحرف صحيحة في هذا الباب كأغيلت المرأة، واحولَّ، وهي أحرف قليلة أرادوا في تصحيحها التنبيه على ما اطّرد في الباب من الاعتلال، والمرجع في جميعه إلى السماع، فأما: اجْتوروا، فإنما صحيح لما كان في معنى تجاوروا، فكما صح الواو في تجاوروا صح ههنا، وهذا كما قالوا: حوِلَ، وعوِرَ، لما كان في معنى: احولَّ، واعورَّ، وكل هذا يجري مجرى الشذوذ، وكذا قوله تعالى:) اسْتحوذ عليهم الشيطان (هو مما خرج من الباب المطرد لينتهوا به على أصل الباب، وهذا عادتهم في جميع أبواب الإعراب أن ينبهوا على الأصول المرفوضة بأحرف يسيرة.

فأما مصدر ما انقلب لنقل الحركة إلى ما قبله كأعاد، وأقال، واستقال، واستعاد، فإنه يزاد فيه الهاء، تقول: استقالة، واستعاذة، وإقالة، وإعادة.

وقال النحويون: زيادة الهاء هنا بدل من نقل حركة العين إلى الفاء، وقد تحذف الهاء في بعضها، وذلك كقوله تعالى:) وإقامَ الصلاة وإيتاء الزكاة (.

<<  <   >  >>