للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الفصل الثالث]

[مدخل]

...

[الفصل الثالث]

قال: "الفصل الثالث: في الاشتقاق, وهو رد لفظ إلى آخر لموافقته له في حروفه الأصلية ومناسبته له في المعنى ولا بد من تغيير بزيادة أو نقصان حرف أو حركة أو كليهما أو بزيادة أحدهما ونقصانه, أو نقصان الآخر أو بزيادته أو نقصانه بزيادة الآخر ونقصانه أو بزيادتهما ونقصانهما نحو: كاذب ونصر وضارب وخف وضرب على مذهب الكوفيين وعلي ومسلمات وحذر وعاد ونبت واضرب وخاف وعد وكال وارم" أقول: ذكر المصنف في هذا الفصل حد الاشتقاق ثم أقسامه ثم أحكامه، فالاشتقاق في اللغة هو الاقتطاع، وأما في الاصطلاح ففيه حدود أشهرها حد الميداني ونقله الإمام عنه فقال: هو أن تجد بين اللفظين تناسبا في المعنى والتركيب فترد أحدهما إلى الآخر، وارتضاه الإمام وأتباعه، ويعترض عليه بأن الاشتقاق ليس هو نفس الوجدان حتى تقول هو أن تجد أي: وجدانك، بل الاشتقاق هو الرد عند الوجدان، كما تفطن له المصنف؛ فلذلك أصلحه كما تراه وهو من محاسن كلامه، لكنه يقتضي أن الاشتقاق فعل الشخص حتى يعدم بعدمه وفيه نظر، وأيضا فإن المعدوم والتصغير ونحوهما قد يردان على الحد. وللاشتقاق أربعة أركان تأتي في كلام المصنف, الأول: المشتق والثاني: المشتق منه والثالث: الموافقة في الحروف الأصلية والمناسبة في المعنى, والرابع: التغيير، فقوله: رد لفظ, دخل فيه الاسم والفعل وهذا هو الركن الأول وهو المشتق، وقوله: إلى لفظ آخر أراد به المشتق منه وهو الركن الثاني، ويؤخذ منه أيضا الركن الثالث، وهو التغيير؛ لأنه لو انتفى التغيير بينهما لم يصدق عليه أنه لفظ آخر بل هو هو، ودخل فيه الاسم والفعل كما قلنا في الأول، وإنما أتى بذلك -أعني باللفظ- فيهما لصدقه على كل فرد بحيث لا يخرج منه شيء، وعلى كل مذهب أيضا، إذ لو قال: رد فعل إلى اسم لكان يرد عليه اشتقاق الاسم من الاسم كضارب ومضروب وضراب وغيرها, فإنها مشتقات من الضرب الذي هو المصدر، ويرد عليه أنه مختص بمذهب البصريين, فإن الكوفيين يخالفونهم ويقولون بأن المصادر والصفات مشتقة من الأفعال, ولو عكس فقال: رد اسم إلى فعل لما كان ينطبق على رأي البصريين، ولو قال: رد الاسم إلى الاسم لما كان يصح على رأي الكوفيين، ويرد عليه الفعل على رأي البصريين، ولو قال: رد فعل إلى فعل لكان باطلا بالإجماع. قوله: "لموافقته له في حروفه الأصلية" هو الركن الرابع واحترز به عن الألفاظ المتوافقة في المعنى وهي المترادفة كالبر والقمح، وإنما قيد الحروف بكونها أصلية للاحتراز عن الزوائد, فإن الاختلاف فيها لا يضر كضرب وضارب، ولم يشترط في الحروف الأصلية أن تكون موجودة؛ لأنه ربما حذف بعضها لمانع كخف من الخوف. وقوله: "ومناسبته في المعنى" هو من تتمة الركن الرابع, واحترز به عن مثل اللحم والملح والحلم, فإن كلا منها يوافق الآخر في حروفه الأصلية

<<  <   >  >>