قال:"الفصل الخامس: في الاشتراك, وفيه مسائل: الأولى: في إثباته, أوجبه قوم لوجهين, الأول: أن المعاني غير متناهية والألفاظ متناهية، فإذا وزع لزم الاشتراك ورد بعد تسليم المقدمتين بأن المقصود بالوضع متناهٍ. والثاني: أن الوجود يطلق على الواجب والممكن, ووجود الشيء عينه, ورد بأن الوجود زائد مشترك, وإن سلم فوقوعه لا يقتضي وجوبه, وأحاله آخرون؛ لأنه لا يفهم الغرض فيكون مفسدة ونقص بأسماء الأجناس والمختار إمكانه لجواز أن يقع من واضعين أو واحد لغرض الإبهام حيث جعل التصريح سببا للمفسدة, ووقوعه للتردد في المراد من القرء ونحوه, ووقع في القرآن العظيم مثل ثلاثة قروء:{وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ}[التكوير: ١٧] " أقول: المشترك هو اللفظ الموضوع لكل واحد من معنيين فأكثر, وزاد الإمام فيه قيودا لا حاجة إليها, وقد ذكر المصنف هذا الحد في تقسيم الألفاظ حيث قال: فإن وضع لكل فمشترك؛ فلذلك لم يذكره هنا، فإن قيل: فلم ذكر حد الترادف مع تقدمه في التقسيم؟ قلنا: ليفرق بينه وبين التأكيد والتابع كما مر، وقد اختلف في الاشتراك على أربعة مذاهب حكاها المصنف, أحدها: أنه واجب أي: يجب بحكم المصلحة العامة أن يكون في اللغات ألفاظ مشتركة. والثاني: أنه مستحيل. والثالث: أنه ممكن غير واقع. والرابع: أنه ممكن واقع واختاره المصنف، واستدل القائلون بالوجوب بوجهين الأول: أن المعاني غير متناهية لأن الأعداد أحد أنواع المعاني وهي غير متناهية, إذ ما من عدد إلا وفوقه عدد آخر، والألفاظ متناهية؛ لأنها مركبة من الحروف المتناهية وهي ثمانية وعشرون حرفا، والمركب من المتناهي متناهٍ فإذا وزعت المعاني غير المتناهية على الألفاظ المتناهية, لزم أن تشترك المعاني الكثيرة في اللفظ الواحد، وإلا يلزم خلو بعض المعاني عن لفظ يدل عليه وهو محال، وأجاب المصنف بوجهين, أحدهما: منع المقدمتين ولم يذكر مستند المنع تبعا