قال:" الثانية: المجاز إما في المفرد مثل: الأسد الشجاع, أو في المركب مثل:
أشاب الصغير وأفنى الكبير ... كر الغداة ومر العشي
أو فيهما مثل: "أحياني اكتحالي بطلعتك" ومنعه ابن داود في القرآن والحديث. لنا قوله تعالى:{جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ}[الكهف: ٧٧] قال: فيه إلباس قلنا: لا إلباس مع القرينة، قل: لا يقال لله تعالى: إنه متجوز, قلنا: لعدم الإذن أو لإبهامه الاتساع فيما لا ينبغي". أقول: لما فرغ من مباحث الحقيقة شرع في مباحث المجاز, فذكر أن المجاز على ثلاثة أقسام, أحدها: أن يكون في مفردات الألفاظ فقط كقولك: رأيت أسدا تعني: الرجل الشجاع. الثاني: أن يقع في التركيب فقط وذلك بأن يستعمل كل واحد من تلك الألفاظ في موضوعه ويكون الإسناد غير مطابق كقول الشاعر وهو الصلتان العبدي: الله تعالى هو الفاعل لهما, فإن قيل: هذا البيت من القسم الثالث؛ لأن المراد بالصغير أيضا من تقدم له الصغر قلنا: الصغير لما وقع مفعولا لم يكن ركنا في الإسناد لكونه فضلة, فلم يجتمع المجاز التركيبي والإفرادي. الثالث: أن يكون في الإفراد والتركيب معا، كقولك: أحياني اكتحالي بطلعتك أي: سرتني رؤيتك, فاستعمل الإحياء في السرور والاكتحال في الرؤية, وذلك مجاز ثم أسند الإحياء إلى الاكتحال مع أن المحيي هو الله تعالى، وههنا أمور أحدها: أن هذا التقسيم نقله الإمام عن عبد القاهر الجرجاني وارتضاه هو وأتباعه، ومنهم المصنف وفي متابعته إياهم إشكال تقدم في حد المجاز،