قال:"الخامسة: المشترك إن تجرد عن القرينة فمجمل, وإن اقترن به ما يوجب اعتبار واحد تعين, أو أكثر فكذا عند من يجوز الإعمال في معنيين وعند المانع مجمل أو إلغاء البعض, فينحصر المراد في الباقي أو الكل فيحمل على المجاز, فإن تعارضت حمل على الراجح هو أو أصله, وإن تساويا أو ترجح أحدهما وأصل الآخر فمجمل".
أقول: اللفظ المشترك قد يقترن به قرينة مبينة للمراد وقد يتجرد عنها, فإن تجرد عن القرائن فهو مجمل إلا عند الشافعي والقاضي, فإنه يحمله على الجميع كما تقدم، وعن هذا يعلم أن المصنف اختار مذهب الشافعي في الاستعمال لا في الحمل، وإن اقترنت به قرينة فقد يدل على الاعتبار أي: الإعمال إما للبعض أو للكل, وقد يدل على الإلغاء إما للبعض أو للكل أيضا, فتحصلنا على أربعة أقسام ذكرها المصنف على الترتيب: الأول: أن يقترن به ما يوجب إعماله في واحد فيتعين الحمل عليه, وهذا إذا كان الواحد معينا فإن لم يكن فيبقى اللفظ على إجماله وقد أهمله المصنف. الثاني: ما يجب إعماله في أكثر منه فيحمل على الكل عند من يجوز الإعمال في المعنيين، ومن منع منه قال: إنه مجمل. الثالث: أن يقترن به ما يوجب إلغاء البعض, فينحصر المراد في الباقي، فإن كان الباقي واحدا حمل عليه، وإن تعدد فهو مجمل، إلا عند الشافعي والقاضي، وهذا إذا كان البعض الملغى معينا وإلا فهو مجمل بين الجميع. الرابع: أن يقترن به ما يوجب إلغاء الكل, فيحمل على المعنى المجازي لتعذر الحقيقي, فإن كان البعض فقط ذا مجاز حملناه عليه، وإن كان لكل واحد منهما مجاز فقد تعارضت، وحينئذ فإن ترجح بعض المجازات على بعض حمل عليه، ورجحانه إما بنفسه وذلك بأن تتساوى الحقائق وتكون بعض المجازات أقرب إلى الحقيقة من الآخر، وإما بأصله وهو الحقيقة، وذلك بأن تتساوى المجازات, ولكن تكون بعض الحقائق أرجح من بعض لو عدمت القرينة الملغية، فإن تساويا أي: الحقائق والمجازات بقي الإجمال، وكذلك إن ترجح بعض المجازات على البعض الآخر، ولكن رجح أصل ذاك وهو حقيقته على أصل هذا, فيبقى الإجمال أيضا لتعادلهما، وهذه المسألة ليست في المنتخب ولا في كتب الآمدي وابن الحاجب.