قال:"الفصل الثالث: في النواهي وفيه مسائل, الأولى: النهي يقتضي التحريم لقوله تعالى: {وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا}[الحشر: ٧] وهو كالأمر في التكرار والفور. الثانية: النهي يدل شرعا على الفساد في العبادات؛ لأن المنهي عنه بعينه لا يكون مأمورا به، وفي المعاملات إذا رجع العقد أو أمر داخل فيه، أو لازم له كبيع الحصاة والملاقيح، والربا لأن الأولين تمسكوا على فساد الربا بمجرد النهي من غير نكير، وإن رجع إلى أمر مقارن كالبيع في وقت النداء فلا. الثالثة: مقتضى النهي فعل الضد؛ لأن العدم غير مقدور وقال أبو هاشم: من دعي إلى زنا فلم يفعل مدح, قلنا: المدح على الكف. الرابعة: النهي عن الأشياء إما عن الجمع كنكاح الأختين، أو عن الجميع كالربا والسرقة". أقول: النهي هو القول الطالب للترك دلالة أولية، ولم يذكر المصنف حده لكونه معلوما من حد الأمر السابق، وصيغته تستعمل في سبعة معانٍ ذكرها الغزالي والآمدي وغيرهما, أحدها: التحريم كقوله تعالى: {وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ}[الإسراء: ٣٣] والثاني: الكراهة كقوله -صلى الله عليه وسلم:"لا يمسكن أحدكم ذكره بيمينه وهو يبول" ١. الثالث: الدعاء كقوله تعالى: {رَبَّنَا لا تُزِغْ قُلُوبَنَا}[آل عمران: ٨] . الرابع: الإرشاد كقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْأَلوا عَنْ
١ أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الطهارة، باب ١٨، رقم الحديث ٦٣.