قال:"الفصل الثالث في المحكوم به وفيه مسائل: الأولى: التكليف بالمحال جائز؛ لأن حكمه لا يستدعي عرضا قبل لا يتصور وجوده, فلا يطلب قلنا: إن لم يتصور امتنع الحكم باستحالته غير واقع بالممتنع لذاته, كإقدام القديم, وقلب الحقائق للاستقراء, ولقوله تعالى:{لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا}[البقرة: ٢٨٦] فقيل: أمر أبا لهب بالإيمان بما أنزل, ومنه أنه لا يؤمن فهو جمع بين النقيضين قلنا: لا نسلم أنه أمر به بعد ما أنزل أنه لا يؤمن" أقول: المستحيل على أقسام أحدها: أن يكون لذاته ويعبر عنه أيضا بالمستحيل عقلا، وذلك كالجمع بين الضدين والنقيضين, والحصول في حيزين في وقت واحد، والثاني: أن يكون للعادة كالطيران، وخلق الأجسام, وحمل الجبل العظيم, والثالث: أن يكون لطيران مانع كتكليف المقيد العدو، والزمن المشي، والرابع: أن يكون لانتفاء القدرة عليه حالة التكليف مع أنه مقدور عليه حالة الامتثال كالتكاليف كلها؛ لأنها غير مقدورة قبل الفعل على رأي الأشعري, إذ القدرة عنده لا تكون إلا مع الفعل كما قدمناه في المسألة السابقة, والخامس: أن يكون لتعلق العلم به كالإيمان من الكافر الذي علم الله تعالى أنه لا يؤمن, فإن الإيمان منه مستحيل إذ لو آمن لانقلب علم الله تعالى جهلا، وهذا التقسيم اعتمده فإن بعضهم قد زاد فيه ما ليس منه وغاير بين أشياء