قال:"الفصل الثالث: في المخصص وهو متصل ومنفصل, فالمتصل أربعة: الأول, والاستثناء وهو الإخراج بإلا غير الصفة ونحوها والمنقطع مجاز، وفيه مسائل". أقول: قد عرفت فيما تقدم أن المخصص في الحقيقة هو إرادة المتكلم, وأنه يطلق أيضا مجازا على الدال على التخصيص، وهذا هو المراد هنا، وهو متصل ومنفصل، فالمتصل ما لا يستقل بنفسه بل يكون متعلقا باللفظ الذي ذكر فيه العام، والمنفصل عكسه، وقسم المصنف المتصل إلى أربعة أقسام, وهي: الاستثناء والشرط والصفة والغاية وأهمل خامسا ذكره ابن الحاجب وهو بدل البعض كقولك: أكرمت الناس قريشا. الأول: الاستثناء, وتعريفه ما ذكره المصنف فقوله: الإخراج جنس شامل للمخصصات كلها, وقوله: بالإ مخرج لما عدا الاستثناء، وقوله: غير الصفة احتراز عن إلا إذا كانت للصفة بمعنى غير وهي التي تكون تابعة لجمع منكور غير محصور، كقوله تعالى:{لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا}[الأنبياء: ٢٢] أي: غير الله فإنها ليست للاستثناء. وقوله:"ونحوها" أي: كحاشا وخلا وعدا وسوى وفي الحد نظر من وجوه أحدها: أنه أخذ في التعريف لفظة إلا وهي من جملة أدوات الاستثناء فيكون تعريفا للشيء بنفسه. الثاني: أن الإتيان بالواو في قوله: ونحو, لا يستقيم بل صوابه الإتيان بأو. الثالث: إن كان المراد بقوله: ونحوها أي في الإخراج, فينتقض الحد بمثل قولنا: أكرم العلماء ولا تكرم زيدا، فإنه مخرج وليس باستثناء, وكذلك سائر المخصصات أيضا, وإن كان المراد أنه يقوم مقامه في الاستثناء فهو دور. الرابع: أن تقييد إلا بغير الصفة زيادة في الحد غير محتاج إليها؛ لأن إلا والحالة هذه لا تخرج شيئا فهي مستغنى عنها بقوله الإخراج؛ ولهذا لم يذكره الإمام ولا أتباعه إلا أن يقال: