قال:"الثانية: شرط كونه حقيقة دوام أصله خلافا لابن سينا وأبي هاشم؛ لأنه يصدق نفيه عند زواله فلا يصدق إيجابه قيل: مطلقتان فلا تتناقضان قلنا: مؤقتتان بالحال؛ لأن أهل العرف يرفع أحدهما بالآخر". أقول: لما تقدم في المسألة السابقة أن شرط المشتق صدق المشتق منه, شرع الآن في بيان الصدق الحقيقي من المجاز, وحاصله أن المشتق إن أطلق باعتبار الحال أو كان المعنى موجودا حال الإطلاق فهو حقيقة بالاتفاق، وإن كان باعتبار المستقبل كقوله تعالى:{إِنَّكَ مَيِّتٌ}[الزمر: ٣٠] فهو مجاز اتفاقا كما صرح به المصنف في أثناء استدلاله، وإن كان باعتبار الماضي ففيه ثلاثة مذاهب, أحدها: أنه مجاز مطلقا سواء أمكن مقارنته كالضرب وغيره أو لم يمكن كالكلام، وطريق من أراد الإطلاق الحقيقي في الكلام وشبهه أو يأتي به مقارنا لآخر حرف كما. والثاني: أنه حقيقة مطلقا وهو مذهب ابن سينا وأبي هاشم وكذلك أبو علي كما قال في الحاصل. والثالث: التفصيل بين الممكن وغيره وتوقف الآمدي في هذه المذاهب فلم يصحح شيئا منها، وكذلك ابن الحاجب وصحح المصنف الأول، وقال في المحصول: إنه الأقرب، فإن قيل: قد تقدم في المسألة السابقة أن أبا علي وابنه لا يشترطان صدق الأصل فلا معنى للنقل عنهما؛ لأنهما إذا لم يشترطا الصدق فالاستمرار بطريق الأولى، وأيضا فلأنه يوهم اشتراط وجود الأصل عندهما، وجوابه أنهما لم يخالفا هناك إلا في صفات الله تعالى خاصة، وأما ما عداها كالضارب والمتكلم وهو الذي يتكلم فيه الآن, فإنهما لم يخالفا فيه كما تقدم التنبيه عليه، ومن فوائد الخلاف صحة الاحتجاج على جواز الرجوع للبائع إذا مات المشتري قبل وفاء الثمن, من قوله -عليه الصلاة والسلام: "أيما رجل مات أو أفلس فصاحب المتاع أحق