للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الفرع السادس]

قال: "السادسة: يعدل إلى المجاز لثقل لفظ الحقيقة كالخنفقيق أو لحقارة معناه، كقضاء الحاجة, أو لبلاغة لفظ المجاز, أو لعظمة في معناه كالمجلس, أو لزيادة بيان كالأسد. السابعة: اللفظ قد لا يكون حقيقة ولا مجازا كما في الوضع الأول والأعلام, وقد يكون حقيقة ومجازا باصطلاحين كالدابة. الثامنة: علامة الحقيقة سباق الفهم والعراء عن القرينة, وعلامة المجاز الإطلاق على المستحيل مثل: {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ} [يوسف: ٨٢] والإعمال في المنسى كالدابة للحمار". أقول: المسألة السادسة في سبب العدول عن الحقيقة إلى المجاز, وهو إما أن يكون بسبب لفظ الحقيقة أو معناها أو بسبب لفظ المجاز أو معناه "فالأول": أن يكون لفظ الحقيقة ثقيلا على اللسان كالخنفقيق, قال الجوهري: وهو الداهية ثم ذكر أعني الجوهري في الكلام على الداهية أن الداهية هو ما يصيب الشخص من نوب الدهر العظيمة, قال: وهو أيضا الجيد الرأي, إذا تقرر هذا فلك أن تعدل عن هذا اللفظ لثقله إلى لفظ آخر بينه وبين المصيبة علاقة كالموت مثلا فيقال: وقع في الموت, وزعم كثير من الشارحين أن المجاز هنا في الانتقال من الخنفقيق إلى الداهية وهو غلط, فإن موضوع الخنفقيق لغة هو الداهية كما نقلناه عن الجوهري. "وأما الثاني" فهو أن يكون معناها حقيرا كقول السائل لسلمان الفارسي: علمكم نبيكم كل شيء حتى الخراءة بكسر الخاء المعجمة على وزن الرسالة؟ فقال له سلمان: أجل نهانا عن كذا وكذا, فلما كان معناه حقيرا عدل عنه إلى التعبير بالغائط الذي اسم للمكان المطمئن أي: المنخفض، وبقضاء الحاجة أيضا الذي هو عام في كل شيء، وظن جمع من الشارحين أن الغائط هو الحقيقة, فعدل عنه إلى قضاء الحاجة وهو غلط فاحش أوقعهم فيه صاحب الحاصل، فإنه قد غلط في اختصاره لكلام المحصول. "وأما الثالث" فهو أن يحصل باستعمال لفظ المجاز شيء من أنواع البديع والبلاغة كالمجانسة والمقابلة والسجع ووزن الشعر ولا يحصل بالحقيقة, وفسر بعض الشارحين البلاغة بما يرجع حاصله إلى كونه أقوى وأبلغ في المعنى من الحقيقة، وليس كذلك

<<  <   >  >>