قال:"الباب الثاني: في الأخبار وفيه فصول, الأول: فيما علم صدقة، وهو سبعة, الأول: ما علم وجود مخبره بالضرورة أو بالاستدلال. الثاني: خبر الله تعالى وإلا لكنا في بعض الأوقات أكمل منه تعالى. الثالث: خبر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والمعتمد دعواه الصدق وظهور المعجزة على وفقه. الرابع: خبر كل الأمة؛ لأن الإجماع حجة. الخامس: خبر جمع عظيم عن أحوالهم. السادس: الخبر المحفوف بالقرائن. السابع: المتواتر وهو خبر بلغت رواته في الكثرة مبلغا أحالت العادة تواطؤهم على الكذب، وفيه مسائل". أقول: الخبر قسم من أقسام الكلام، وهو يطلق على اللساني والنفساني، والخلاف في أنه هل هو مشترك بينهما، أو حقيقة في الأول مجاز في الثاني, أو عكسه؟ كالخلاف في الكلام وقد عرفه المصنف في تقسيم الألفاظ بأنه الذي يحتمل التصديق أو التكذيب، وتقديم الكلام هناك عليه؛ فلذلك استغنى عن ذكره هنا. ثم إن الخبر من حيث هو خبر محتمل للصدق والكذب مطلقا، لكنه قد يقطع بصدقه أو كذبه لأمور خارجة، وقد لا يقطع بواحد منها لعدم عروض موجب للقطع به, فصار الخبر على ثلاثة أقسام؛ فلذلك ذكر في الباب ثلاثة فصول، لكل قسم منها فصل, وهذا إذا قلنا: إن الخبر منحصر في الصدق والكذب، وجعل الجاحظ بينهما واسطة فقال: الصدق هو المطابق مع اعتقاد كونه مطابقا، والكذب هو الذي لا يكون مطابقا مع اعتقاد عدم المطابقة، فأما الذي ليس معه اعتقاد سواء كان مطابقا أو غير مطابق فإنه ليس بصدق ولا كذب، والأكثرون قالوا: الصدق هو المطابق للواقع مطلقا، والكذب ما ليس بمطابق مطلقا. الفصل الأول: فيما علم صدقه, وهو سبعة أقسام الأول: الخبر الذي علم وجود مخبره أي: المخبر به وهو بفتح الباء، والعلم به إما بالضرورة كقولنا: الواحد نصف الاثنين، وإما بالاستدلال كقولنا: العالم حادث، وكالخبر الموافق لخبر المعصوم. الثاني: خبر الله تعالى وإلا لكنا في بعض الأوقات وهو وقت صدقنا وكذبه أكمل منه تعالى؛ لكون الصدق صفة كمال والكذب صفة نقص، وهذا القسم وما بعده علمنا فيه أولا صدق الخبر، ثم استدللنا بوقوعه على صدق الخبر. الثالث: خبر الرسول -صلى الله عليه وسلم- والمعتمد في حصول العلم به وهو دعواه الصدق في كل الأمور، وظهور المعجزة عقب هذه الدعوى, إلا بإثبات وقوع هذا كله. قال: وكيف؟ وقد جوز بعضهم وقوع الذنب منهم عمدا واتفقوا على جوازه في حال السهو والنسيان، وقد لاح مما قاله الإمام إشكال على المصنف في تجويزه الصغائر سهوا, ودعواه العلم بالصدق مطلقا. نعم إن أراد الصدق في الأحكام وهو الذي يقتضيه كلام الإمام في المعالم, فلا تعارض؛ لأنهم معصومون عن الخطأ فيه عند طائفة كما تقدم. الرابع: خبر كل الأمة؛ لأن الإجماع حجة كما سيأتي, هكذا استدل عليه الإمام فتبعه المصنف وغيره؛ فإن أراد بالحجة ما هو مقطوع به، وهو الذي صرح به الآمدي هنا فالإجماع ليس كذلك عندهما كما ستعرفه، وإن أراد بالحجة ما يجب العمل به فمسلم, لكنه لا يلزم من ذلك أن يكون مقطوعا به؛ لأن أخبار الآحاد والعمومات وغيرهما يجب العمل بها مع