للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أنها ظنية. الخامس: أن يخبر جمع عظيم يستحيل تواطؤهم على الكذب عن شيء من أحوالهم كالشهوة والنفرة, فإنه لا يجوز أن يكون كلها كذبا كما قال في المحصول أي: بل لا بد أن يكون منها ما هو صدق قطعا، وليس المراد أنا نقطع بصدق الجميع فإنه باطل قطعا. قال: وكذلك إذا أخبر كل واحد منهم عن شيء لم يخبر به صاحبه. السادس: الخبر المحفوف بالقرائن كخبر ملك عن موت ولده، ولا مريض عنده سواه، مع خروج النساء على هيئة منكرة من البكاء ونشر الشعر, وخروج الملك وراء الجنازة على نحو هذه الهيئة، فإنه يفيد العلم كما جزم به المصنف، واختاره الإمام والآمدي وابن الحاجب، ونقلوا عن الأكثرين خلافه. السابع: الخبر المتواتر والتواتر لغة هو التتابع يقال: تواتر القوم إذا جاء الواحد بعد الواحد بفترة بينهما، وفي الاصطلاح كل خبر بلغت رواته في الكثرة مبلغا أحالت العادة تواطؤهم على الكذب. فروع جعلها بعضهم من المقطوع بها كما قاله في المحصول١، أحدها: إذا أخبر شخص عن أمر بحضرة الرسول عليه الصلاة والسلام ولم ينكره فقال بعضهم: يكون تصديقا له مطلقا، والحق أنه يكون تصديقا إن كان في أمر ديني لم يتقدم بيانه, أو تقدم وكان مما يجوز نسخه، وكذلك إذا كان في أمر دنيوي وعلمنا أنه عليه الصلاة والسلام علم بذلك أو ادعى المخبر علمه به مع استشهاده به. الثاني: إذا أخبر شخص عن أمر بحضرة جمع عظيم بحيث لو كان كاذبا لما سكتوا عن تكذيبه فأمسكوا عن ذلك, فإنه يفيد ظن صدقه، وقال جماعة: يفيد القين لامتناع جهلهم به في العادة، ومع عدم الجهل يمتنع عادة أن لا يكذبوه. الثالث: قالت جماعة من المعتزلة: الإجماع على العمل بموجب الخبر يدل على صحته قطعا؛ لأن المادة في المفلتين أن يقبله بعضهم ويرده بعضهم، وما قالوه باطل. الرابع: قال بعض الزيدية: بقاء النقل مع توفر الدواعي على إبطاله يدل على القطع بصحته, وما قالوه ليس بشيء. الخامس: تمسك جماعة في القطع بالخبر, بأن العلماء ما بين محتج به ومؤول له، وذلك يدل على اتفاقهم على قبوله وهو ضعيف؛ لاحتمال أن يكون قبوله كقبول خبر الواحد. قال: "الأولى أنه يفيد العلم مطلقا خلافا للسمنية، وقيل: يفيد عن الموجود لا عن الماضي. لنا أن نعلم بالضرورة وجود البلاد النائية والأشخاص الماضية. قيل: نجد التفاوت بينه وبين قولنا: الواحد نصف الاثنين, قلنا: للاستئناس. الثانية: إذا تواتر الخبر أفاد العلم فلا حاجة إلى النظر، خلافا لإمام الحرمين وللحجة والكعبي والبصري وتوقف المرتضى. لنا لو كان نظريا لم يحصل لمن لا يتأتى له كالبله والصبيان. قيل: يتوقف على العلم بامتناع تواطئهم، وأن لا داعي لهم إلى الكذب قلنا: حاصل بقوة قريبة من الفعل فلا حاجة إلى النظر". أقول: الأكثرون على أن المتواتر يفيد العلم مطلقا، وقالت السمنية: لا يفيد مطلقا، وقيل: إن كان خبرا عن


١ انظر المحصول، ص١٠٨، جـ٢.

<<  <   >  >>