للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فإن القوة قسم آخر سيأتي. "وأما الرابع" فهو أن يكون في المجاز عظمة أي: تعظيم كقولك: سلام على المجلس العالي، فإن فيه تعظيما بخلاف المخاطبة، كقولك: سلام عليك أو يكون فيه زيادة بيان أي: يكون فيه تقوية لما يريده المتكلم كما قاله في المحصول١ كقولك: رأيت أسدا يرمي فإن فيه من المبالغة ما ليس في قولك: رأيت إنسانا يشبه الأسد في الشجاعة, ولا ذكر لهذه المسألة في المنتخب ولا في كتب الآمدي وابن الحاجب. والمسألة السابعة: اللفظ قد لا يكون حقيقة ولا مجازا وذلك في شيئين ذكرهما الإمام والآمدي, أحدهما وعليه اقتصر ابن الحاجب: إذا وضع الواضع لفظا لمعنى ولم يستعمل فيه لما تقدم، لك في حد الحقيقة والمجاز أن كلا منهما هو اللفظ المستعمل، فإذا لم يستعمل لا يكون حقيقة ولا مجازا، وأهمل المصنف هذا القيد، ولا بد منه، وقيده تبعا للإمام بالوضع الأول ليحترز عن المجاز، فإنه موضوع على الصحيح كما تقدم عند ذكر العلاقة، لكن الوضع الحقيقي سابق على الوضع المجازي، ووجه الاحتراز أن المراد من كون المجاز موضوعا أن استعماله يتوقف على اعتبار العرب لتلك العلاقة الحاصلة في ذلك المجاز، إما باستعمالهم له أو لمثله, وإما بتنصيصهم عليه، فلما كان وضعه قد يكون بالاستعمال لم يمكن إطلاق القول بأن الموضوع ليس بحقيقة ولا مجاز، فإن هذا النوع من الوضع مجاز لوجود شرطه فيه. الثاني: الأعلام كثور وأسد وغيرهما فلا يكون حقيقة؛ لأنها ليست بوضع واضع اللغة, ولأنها مستعملة في غير موضوعها الأصلي, ولا مجازا لأنها مستعملة لغير علاقة, وهذا الكلام ضعيف، أما الأول فلأن العرب قد وضعت أعلاما كثيرة وأما الثاني فلأنه إنما يأتي إذا فرعنا على مذهب سيبويه، وهو أن الأعلام كلها منقولة وقد خالفه الجمهور، وقالوا: إنها تنقسم إلى منقولة ومرتجلة، سلمنا لكن ينبغي أن تكون حقيقة عرفية خاصة, وأما الثالث فقد تقدم منعه في المسألة الرابعة. قوله: "وقد يكون" أي: قد يكون اللفظ الواحد بالنسبة إلى المعنى الواحد حقيقة ومجازا, لكن باصطلاحين كإطلاق الدابة على الإنسان مثلا فإنه حقيقة لغوية مجاز عرفي, وقد علمت من هذا ومما قبله أن اللفظ الواحد بالنسبة إلى المعنى الواحد قد يكون حقيقة فقط، أو مجازا فقط, أو حقيقة ومجازا، أو لا حقيقة ولا مجازا. المسألة الثامنة: في علاقة كون اللفظ حقيقة في المعنى المستعمل فيه وهو أمران أحدهما: سبقه إلى أفهام جماعة من أهل اللغة بدون قرينة؛ لأن السامع لو لم يعلم أن الواضع وضعه له لم يسبق فهمه إليه دون غيره, وقد أهمل المصنف التقييد بالقرينة مع أن الإمام وأتباعه ذكروه ولا بد منه ليخرج قولك: رأيت أسدا يرمي بالنشاب ونحوه، فإن قيل: المشترك إذا تجرد عن القرينة لا يسبق إلى الفهم منه شيء مع أنه حقيقة في كل من أفراده، قلنا: العلامة


١ انظر المحصول، ص١٣٨، جـ١.

<<  <   >  >>