تستلزم الاطراد لا الانعكاس. الثاني: تعرية اللفظ عن القرينة، فإذا سمعنا أهل اللغة يعبرون عن المعنى الواحد بلفظين لكن أحدهما لا يستعملونه إلا بقرينة فيكون الآخر حقيقة؛ لأن حذف القرينة دليل على استحقاق اللفظ لذلك المعنى عندهم، وأما المجازفة فلها أيضا علامتان إحداهما: إطلاق الشيء على ما يستحيل منه؛ لأن الاستحالة تقتضي أنه غير موضوع له فيكون مجازا, كقوله تعالى:{وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ}[يوسف: ٨٢] . الثانية: إعمال اللفظ المنسي بأن يكون اللفظ موضوعا لمعنى له أفراد, فتترك أهل العرف استعماله في بعض تلك الأفراد بحيث يصير ذلك البعض منسيا، ثم تستعمل اللفظ في ذلك البعض المنسي فيكون مجازا أي: عرفيا كما قاله الإمام, مثاله الدابة, فإنها موضوعة في اللغة لكل ما دبّ كالفرس والحمار وغيرهما, فترك أهل بلاد العراق استعمالها في الحمار بحيث صار منسيا فإطلاقها عليه مجاز عندهم، وأما إطلاقها على غير المنسي فقد أطلقوا بأنه مجاز لغوي لأن قصرها على الحمار بأرض مصر وللفرس بأرض العراق وضع آخر، ولقائل أن يقول: إن استعمالها المتكلم ملاحظة للوضع الأول كان حقيقة، وإلا كان مجازا، فإن الوضع الثاني لا يخرج الأول هما وضعا له، وقد نقل الإمام علامات أخرى للحقيقة والمجاز وضعفها؛ فلذلك تركها المصنف.