قد تقرر أن الوصف من جملة المخصصات، والتخصيص هو الإخراج كما تقدم، فإذا كانت إلا صفة كانت مخرجة أي: مما يجوز أن يدخل في الأول لا مما يجب دخوله فيه وفيه نظر، بل الأولى أن يقال: احترز بقوله غير الصفة عن مثل: قام القوم إلا زيد فإنه يجوز فيه وفي أمثاله من المعارف جعل إلا للصفة ورفع ما بعدها كما نص عليه ابن عصفور وغيره، وإن كان قليلا. قوله:"والمنقطع مجاز" هو جواب عن سؤال مقدر وهو أن الاستثناء قد يكون متصلا كقام القوم إلا زيدا أو منقطعا كقام القوم إلا حمارًا والمنقطع لا إخراج فيه فيكون واردا على الحد, فأجاب بأن الحد للاستثناء الحقيقي وإطلاق الاستثناء على المنقطع وإن كان جائزا بلا خلاف كما قاله ابن الحاجب في المختصر الكبير, لكنه مجاز عند الأكثرين كما نقله الآمدي بدليل عدم تبادره، قال ابن الحاجب: وإذا قلنا: إنه حقيقة فقيل: إنه مشترك، وقيل: متواطئ على أن الشيخ أبا إسحاق نقل عن بعضهم أنه لا يسمى استثناء لا حقيقة ولا مجازًا. قال:"الأولى شرطه الاتصال عادة بإجماع الأدباء وعن ابن عباس خلافه قياسا على التخصيص بغيره، والجواب النقص بالصفة والغاية وعدم الاستغراق، وشرط الحنابلة أن لا يزيد على النصف والقاضي أن ينقص عنه, كما لو قال: علي عشرة إلا تسعة, لزمه واحد إجماعا وعلى القاضي استثناء الغاوين من المخلصين, وبالعكس قال: الأقل ينسى فيستدرك ونوقض بما ذكرناه". أقول: الاستثناء له شرطان أحدهما: اتصاله بالمستثنى منه اتصالا عاديا لا حسيا، ودليله إجماع الأدباء أي: أهل اللغة ولا يضر القطع بتنفس أو سعال وكذلك البعد لطول الكلام المستثنى منه فإنه يعد في العادة متصلا, ونقل عن ابن عباس جواز الاستثناء المنفصل، ثم اختلفوا فنقل عنه الآمدي وابن الحاجب أنه يجوز إلى شهر، ونقل عنه المازني قولا أنه يجوز إلى سنة, وقولا آخر أنه يجوز أبدا, وهو ما يقتضيه كلام الأكثرين في النقل عنه كالشيخ أبي إسحاق وإمام الحرمين والغزالي وصاحب المعتمد وغيرهم، وصرح به أبو الخطاب الحنبلي، ومع ذلك منهم الجميع قد توقفوا في إثبات أصل هذا المذهب عنه، وشرعوا في تأويله، إلا صاحب المعتمد فنقله من غير إنكار ولا تأويل، ولما توقفت النقلة في إثبات هذا المذهب عبر المصنف بقوله: ونقل، ولما اختلفوا أيضا في كيفيته على المذاهب الثلاثة المتقدمة عبر بقوله: خلافه فافهم ذلك, فإنه من محاسن كلامه، واستدل ابن عباس بالقياس على التخصيص بغير الاستثناء من المخصصات المنفصلة، والجامع أن كلا منهما مخصص، وجوابه النقض بالصفة والغاية، وكذلك الشرط فإن دليله يقتضي جواز انفصالها وهو باطل اتفاقا, وأيضا فالفرق أن المخصص المنفصل مستقل فلذلك دليله يقتضي جواز انفصالها وهو باطل اتفاقا، وأيضا فالفرق أن المخصص المنفصل مستقل فلذلك جاز انفصاله بخلاف الاستثناء. قوله:"وعدم الاستغراق" هذا هو الشرط الثاني من شروط الاستثناء، وهو معطوف على الاتصال أي: شرطه الاتصال وعدم الاستغراق، فلا يضر استثناء المساوي