للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ذلك الظن. وأما الثاني فلأن تجويز التأخير أبدا تجويز للترك أبدا, وذلك ينافي الوجوب، والجواب أن ذلك كله منقوض بما إذا صرح الآمر بجواز التأخير فقال: أوجبت عليك أن تفعل كذا في أي وقت شئت, فما كان جوابا لكم كان جوابا لنا, قال في المحصول: وهو لازم لا محيص عنه. الدليل الرابع: النهي يفيد الفور فيكون الأمر أيضا كذلك بالقياس عليه، والجامع بينهما هو الطلب، وجوابه أن النهي لما كان مفيدا للتكرار في جميع الأوقات ومن جملتها وقت الحال, لزم بالضرورة أن يفيد الفورية بخلاف الأمر, وهذا الجواب قد تقدم مثله في أواخر المسألة الرابعة، وقد ناقضه بعد هذا بنحو سطر، ووقع أيضا ذلك للإمام وأتباعه، والجواب الصحيح منع كون النهي يفيد الفور لما فيه من الخلاف لا سيما وهو مختار المصنف, وعلى هذا فلا تناقض، "فروع" أحدها: الآمر بالأمر بالشيء ليس آمرا بذلك الشيء على الصحيح عند الإمام والآمدي وأتباعهما؛ لأن من قال: مر عبدك بكذا ثم قال للعبد: لا تفعل, لا يكون بالأول متعديا ولا بالثاني مناقضا، مثاله قوله -صلى الله عليه وسلم: "مره فليراجعها" ١. الثاني: الأمر بالماهية الكلية لا يكون أمرا بشيء من جزئياتها كالأمر بالبيع، فإنه لا يدل على البيع بالعين أو بغيره، هكذا قاله الإمام وخالفه الآمدي وابن الحاجب. الثالث: إذا كرر الأمر فقال: صل ركعتين فقيل: يكون ذلك أمرا بتكرار الصلاة، ونقله في المستوعب على عامة أصحاب الشافعي، وقال الصيرفي: الثاني تأكيد، وقال الآمدي بالوقف.


١ أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الطلاق "٧/ ٥٢", وأخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الطلاق "١/ ٢", ورواه مالك في الموطأ حديث رقم "١٦٥٥" ص٦٣٦، جـ١.

<<  <   >  >>