للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أَشْيَاءَ} [المائدة: ١٠١] الآية. الخامس: التحقير كقوله تعالى: {لا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ} [الحجر: ٨٨] الآية. السادس: بيان العاقبة كقوله تعالى: {وَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا} [إبراهيم: ٤٢] الآية. السابع: اليأس كقوله تعالى: {لَا تَعْتَذِرُوا الْيَوْمَ} [التحريم: ٧] الآية, وقد اختلفوا في أن النهي هل من شرطه العلو والاستعلاء وإرادة الترك أم لا؟ وأنه هل له صيغة تخصه أم لا؟ وأنه هل هو حقيقة في الطلب وحده أم لا؟ وأن ذلك الطلب الذي هو حقيقة فيه هل هو التحريم أو الكراهة، أو كل منهما بالاشتراك أو الوقف؟ كما اختلفوا في الأمر فعلى هذا إذا ورد النهي مجردا عن القرائن فمقتضاه التحريم كما نبه عليه المصنف ونص عليه الشافعي في الرسالة فقال في باب العلل في الأحاديث ما نصه: وما نهي عنه فهو على التحريم حتى يأتي دلالة عنه على أنه أراد غير التحريم انتهى. ونص عليه أيضا في مواضع أخرى، واستدل المصنف عليه بقوله تعالى: {وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [الحشر: ٧] أمر بالانتهاء عن المنهي عنه فيكون الانتهاء واجبا؛ لأنه قد تقدم أن الأمر للوجوب ولك أن تقول: إنما يدل هذا على التحريم في بعض النواهي بدليل منفصل أيضا لا من وضع اللفظ, وكلاهما غير المدعى. قوله: "وهو كالأمر" يعني أن النهي حكمه حكم الأمر في أنه لا يدل على التكرار ولا على الفور كما تقدم، وفي المحصول أن هذا هو المختار, وفي الحاصل أنه الحق لأنه قد يرد للتكرار كقوله تعالى: {وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى} [الإسراء: ٣٢] ولخلافه كقول الطبيب: لا تشرب اللبن ولا تأكل اللحم والاشتراك والمجاز خلاف الأصل, فيكون حقيقة في القدر المشترك, وصحح الآمدي وابن الحاجب أنه للتكرار والفور, وجزم به المصنف قبل هذا بقليل كما تقدم التنبيه عليه. وقال في المحصول: إنه المشهور وابن برهان: إنه مجمع عليه، ودليل الإمام مردود بما تقدم في الكلام على أن الأمر ليس للتكرار ولأن عدم التكرار في أمر المريض إنما هو لقرينة وهي المرض، والكلام عند عدم القرائن. المسألة الثانية: في أن النهي هل يدل على الفساد أم لا؟ فقال بعضهم: لا يدل عليه مطلقا ونقله في المحصول عن أكثر الفقهاء والآمدي عن المحققين، وقال بعضهم: يدل مطلقا, وصححه ابن الحاجب لكن ذكر هذا الحكم مفرقا في مسألتين فافهمه, وقال أبو الحسين البصري: يدل على الفساد في العبادات دون المعاملات, واختاره الإمام في المحصول والمنتخب وكذلك أتباعه ومنهم صاحب الحاصل، وخالفهم المصنف فاختار تفصيلا يأتي ذكره والكلام عليه، وحيث قلنا يدل على الفساد، فقيل: يدل من جهة اللغة، والصحيح عند الآمدي وابن الحاجب أنه لا يدل إلا من جهة الشرع، وقد تقدم دليله في الكلام على أن امتثال الأمر يوجب الإجزاء، وإليه أشار المصنف بقوله: النهي يدل شرعا، ولم يذكر الإمام ولا مختصر كلامه هذا القيد، وإذا قلنا: لا يدل على الفساد، فقال أبو حنيفة: يدل على الصحة لاستحالة النهي عن المستحيل، وجزم به الغزالي في المستصفى قبل الكلام على المبين، ثم ذكر بعد ذلك في هذا الباب أنه

<<  <   >  >>