وقد مثل الإمام في المحصول محل النزاع بلفظ القرء وذكره في أثناء الاستدلال، وإنما قيده المصنف بالمتضادة دون المتناقضة؛ لأن الوضع للنقيضين ممنوع على ما تقدم نقله عن الإمام وبتقدير جواز الوضع فإن التقييد بالمتضادة يدل على منع المتناقضة بطريق الأولى، ولم يتعرض الإمام لهذا القيد وقبل الخوض في الاحتجاج لا بد من التنبيه على أمور أحدها: أن محل هذا الخلاف في اللفظة الواحدة من المتكلم الواحد في الوقت الواحد كما قاله الآمدي, فإن تعددت الصيغة أو اختلف المتكلم أو الوقت جاز تعدد المعنى. الثاني: أن هذا الخلاف المذكور في استعمال اللفظ في حقيقته يجري في استعماله في حقيقته ومجازه، كما قاله الآمدي, وفي مجازيه كما قاله القرافي، فالأول كقولك: والله لا أشتري وتريد الشراء الحقيقي والسوم. والثاني: كأن تريد السوم وشراء الوكيل. الثالث: محل الخلاف بين الشافعي وغيره في استعمال اللفظ في معانيه إنما هو في الكلي العددي كما قاله في التحصيل أي: في كل فرد, وذلك بأن نجعله يدل على كل واحد منهما على حدة بالمطابقة في الحالة التي تدل على المعنى الآخر بها، وليس المراد هو الكلي المجموعي أي: يجعل مجموع المعنيين مدلولا مطابقيا كدلالة العشرة على آحادها، ولا الكلي البدلي أن يجعل كل واحد منهما مدلولا مطابقيا على البدل, ونقل الأصفهاني في شرح المحصول أنه رأى في تصنيف آخر لصاحب التحصيل أن الأظهر من كلام الأئمة وهو الأشبه، أن الخلاف في الكلي المجموعي فإنهم صرحوا بأن المشترك عند الشافعي كالعام. الرابع: اختلفوا في هذا الاستعمال هل هو حقيقة أم لا؟ فقال القرافي: إنه مجاز, وصححه ابن الحاجب؛ لأن الذي يتبادر إلى الذهن إنما هو أحدهما, والتبادر علامة الحقيقة فإذا أطلق عليهما كان مجازا، ونقل الآمدي عن الشافعي القاضي أنه حقيقة, قال: وهو عندهما من باب العموم، ووافق على كونه من باب العموم الغزالي في المستصفى والإمام في البرهان حتى إنهم لم يذكروا المسألة إلا في باب العموم، وفي كونه من العموم إشكال؛ لأن مسمى العموم واحد كما سيأتي، والمشترك مسمياته متعددة. وأيضا فالمشترك يجب أن تكون أفراده متناهية بخلاف العام، وأيضا فالقاضي ينكر صيغ العموم فإنكاره ههنا أولى. الخامس: الفرق بين الوضع والاستعمال والحمل، فالوضع هو جعل اللفظ دليلا على المعنى كتسمية الولد زيدا وهذا أمر متعلق بالواضع، والاستعمال إطلاق اللفظ وإرادة المعنى وهو من صفات المتكلم، والحمل اعتقاد السامع مراد المتكلم أو ما اشتمل على مراده كحمل الشافعي المشترك على معنييه؛ لكونه مشتملا على المراد وهذا من صفات السامع, وقد تقدم الكلام على وضع المشترك والكلام الآن في استعماله، وسيأتي الكلام على حمله. قوله:"لنا الوقوع" أي: الدليل على جواز الاستعمال أمران أحدهما: وقوعه في قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ}[الأحزاب: ٥٦] ووجه الدلالة: أن الصلاة لفظ مشترك بين المغفرة والاستغفار، وإنما تعدت بعلى لا باللام لمعنى