للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

العاطف, فإنه الصحيح عند النحويين وذهب جماعة منهم إلى أن العاطف هو العامل, وآخرون إلى أن العامل مقدر بعد العطف. الثاني: أنا وإن سلمنا أن العاطف بمثابة العامل لكنه على هذا التقدير يلزم أن يكون بمثابة العامل الأول بعينه وهو هنا باطل؛ لأنه يلزم أن يكون المراد من سجود الشمس والقمر والجبال والشجر هو وضع الجبهة؛ لأنه مدلول الأول وهذا التقدير هو الصواب، ويحتمل أن يكون المراد أنه إذا كان بمثابة الأول بعينه يكون اللفظ واحدا والمعنى كثيرا وهو المدعى ويقع في بعض النسخ: فبمثابة في العمل أي: يقوم مقامه في الإعراب لا في المعنى. قوله: "قيل: يحتمل وضعه للمجموع" يعني: أن ما تقدم من الاستدلال بالآيتين لا حجة فيه؛ لأنه يحتمل أن يكون استعمال السجود والصلاة في المجموع إنما هو لكون اللفظ قد وضع له أيضا كما وضع للأفراد, بل لا بد من ذلك وإلا لكان اللفظ مستعملا في غير ما وضع له, وحينئذ فيكون السجود مثلا موضوعا لثلاثة معانٍ للخضوع على انفراده، ولوضع الجبهة على انفراده، وللمجموع من حيث هو مجموع، وعلى هذا التقدير يكون إعمال اللفظ في المجموع إعمالا له بعض ما وضع له لا في كلها وهو خلاف المدعى, ولهذا الجواب اقتصر عليه الإمام في المحصول وفي غيره, وأجاب عند المصنف بأنه يلزم أن يكون في المجموع من وضع الجبهة، والخضوع مسندا إلى كل واحد من الشجر والدواب وغيره، فلما ذكر أن يكون المجموع من الرحمة والاستغفار مسندا إلى كل واحد من الله تعالى والملائكة وهو باطل بالضرورة وهذا الجواب ضعيف؛ لأنه إنما يلزم ذلك أن لو أسند المجموع إلى واحد فقط, أما إذا استعمل في بعض المعاني مع اتحاد المسند إليه كقولك: الدابة تسجد أي: تخشع, أو في المجموع مع تعدد المسند إليه ليرجع كل واحد إلى واحد, فلا يأتي فيه هذا المحذور، والدليلان المذكوران من هذا القبيل، وأيضا فالذي قاله مشترك الإلزام فإنه قد تقرر أن اللفظ قد استعمل في الجميع, فيلزم إسناده إلى كل واحد، فإن قيل: إنما حصل المحال من وضعه للمجموع، قلنا: لا محذور في مجرد الوضع بل ولا في الاستعمال من حيث هو, فإن المتكلم قد لا يستعمله في المجموع عند اتحاد المحكوم عليه، بل يستعمله فيه عند تعدده. وإذا علمت ذلك فالجواب الصحيح عما قاله الإمام أن نقول: لا نسلم أنه وضع للمجموع، فإن قيل: فكيف استعمل فيه؟ قلنا: سيأتي جوابه، وأيضا فالنزاع إنما هو في الجميع لا في المجموع كما تقدم، وسيأتي أيضا بسطه.

قال: " احتج المانع بأنه إن لم يضع التواضع للمجموع لم يجز استعماله فيه. قلنا: لم لا يكفي الوضع لكل واحد من الاستعمال في الجميع؟ ومن المانعين من جوز في الجمع والسلب والفرق ضعيف, ونقل عن الشافعي -رضي الله عنه- والقاضي الوجوب حيث لا قرينة احتياطا". أقول: استدل المانع من استعمال المشترك في جميع معانيه بأن

<<  <   >  >>