للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

اللغوية تنقسم إلى المتباينة والمترادفة والمشتركة والمشككة والمتواطئة، فشرع الآن يتكلم فيما وجد من تلك الأقسام في الحقيقة الشرعية، فنقول: أما المتباينة فموجودة كالصلاة والصوم، وأهمله المصنف لوضوحه وكذا المتواطئة كالحج فإنه يطلق على الإفراد والتمتع والقران، وهذه الثلاثة مشتركة في الماهية وهو الإحرام والوقوف والطواف والسعي، واختلفوا في وقوع المشتركة. قال في المحصول: والحق وقوعها؛ لأن اسم الصلاة صادق على المشتملة على الأركان كالظهر وغيرها، وعلى الخالية عن الركوع والسجود كصلاة المصلوب والجنازة، والخالية عن القيام كصلاة القاعد، وليس بين هذه الأشياء قدر مشترك فتعين الاشتراك، ومثله أيضا الطهور الصادق على الماء والتراب وآلة الدباغ، وأما المترادفة فأهملها المصنف وصاحب الحاصل, فإن الإمام في المحصول ذكر أن الأظهر أنها لم توجد، وليس كما قال فإنه قد تقدم من كلامه أن الفرض والواجب مترادفان وهما من الحقائق الشرعية، وقد تقدم أيضا أن للحرام اسما وللمندوب اسما فتكون أيضا مترادفة. قوله: "والمعتزلة سموا" يعني: أن المعتزلة لما أثبتوا الحقائق الشرعية قالوا: إنها تنقسم إلى أسماء الأفعال كالصوم والصلاة، وإلى أسماء الذوات المشتقة من تلك الأفعال كاسم الفاعل واسم المفعول والصفة وأفعل التفضيل، كقولنا: زيد مؤمن أو فاسق أو محجوج عنه أو أفسق من عمرو, وسموا هذا الضرب بالدينية تفرقة بينها وبين الأول، وإن كان الكل عندهم على السواء في أن شرعي, هكذا قاله في المحصول فتبعه المصنف، وفيه نظر فإن المنقول عن المعتزلة أن الدينية هي الأسماء المنقولة شرعا إلى أصل الدين كالإيمان والكفر, وأما الشرعية فكالصلاة والصوم, ومما نص عليه إمام الحرمين في البرهان والغزالي في المنخول والمستصفى، فقال: قالت المعتزلة والخوارج وطائفة من الفقهاء: الأسماء لغوية ودينية وشرعية، أما اللغوية فظاهرة، وأما الدينية فما نقلته الشريعة إلى أصل الدين كالإيمان والكفر والفسق، أما الشرعية فكالصلاة انتهى لفظ الغزالي، ولم يذكر الآمدي هذا القسم أعني: الدينية, وذكره ابن الحاجب في المختصر ولم يبينه. قوله: "والحروف ... إلخ" يعني أن الحروف الشرعية لم توجد لأنها لا تفيد وحدها، وقال في المحصول: إنه الأقرب للاستقراء، وأما الفعل فلم يوجد بطريق الأصالة للاستقراء, ووجد بالتبع لنقل الاسم الشرعي نحو: صلى الظهر، فإن الفعل عبارة عن المصدر والزمان، فإن كان المصدر شرعيا استحال أن يكون الفعل إلا شرعيا، وإن كان لغويا فكذلك. الفرع الثالث: صيغ العقود كبعث وكذلك الفسوخ كفسخت، وأعتقت وطلقت إخبارات في أصل اللغة, وقد تستعمل في الشرع أيضا كذلك، فإن استعملت لإحداث حكم كانت منقولة إلى الإنشاء، وقالت الحنفية: إنها إخبارات عن ثبوت الأحكام وذلك بتقدير وجودها قبل اللفظ، وغايته أن تكون مجازا وهو أولى من النقل كما سيأتي، والفرق بين الإنشاء والخبر من وجود أحدها أن الإنشاء لا يتحمل التصديق والتكذيب بخلاف

<<  <   >  >>