المعدوم، ولأن أبا الحسين من المتكلمين في هذه المسألة كما سيأتي، وهو منكر لكلام النفس وهذان الأمران يدلان على أن الكلام عند المصنف حقيقة في اللساني فقط. وقوله:"في لفظ الأمر" أي: في لفظ ألف ميم راء لا في مدلولها, وهو أفعل، وفي نفس الطلب، وهذا اللفظ يطلق مجازا على الفعل والشأن وغيرهما مما سيأتي, وحقيقة على ما ذكره المصنف لتبادر الفهم إليه، فعلى هذا مسمى الأمر لفظ وهو صيغة أفعل، ومسمى صيغة أفعل هو الوجوب أو الندب أو غيرهما مما سيأتي. فقوله: القول يدخل فيه الأمر وغيره سواء كان بلغة العرب أم لا, وسواء كان نفسانيا أم لا كما صرح به الأصفهاني شارح المحصول قيل: الكلام على الحدود المربعة وهو أولى من اللفظ لأنه جنس بعيد لإطلاقه على المهمل, والمستعمل بخلاف القول؛ لأن الكلام أخص من القول أيضا لإطلاقه على المفرد والمركب، وبخلاف الكلام. فالصواب التعبير به؛ لأن لفظ الأمر وإن كان مفردا فمدلوله لفظ مركب مفيد فائدة خاصة, واستفدنا من التعبير بالقول أن الطلب بالإشارة والقرائن المفهمة لا يكون أمرا حقيقة. وقوله:"الطالب" احترز به عن الخبر وشبهه، وعن الأمر النفساني فإنه هو الطلب لا الطالب، وهذا التقرير هو الصواب فاعتمده, لكن الطالب حقيقة إنما هو المتكلم وإطلاقه على الصيغة مجازا من باب تسمية المسبب باسم سببه الفاعلي. وقوله: للفعل احترز به عن النهي, فإنه قول طالب للترك، ولقائل أن يقول: النهي قول طالب للفعل أيضا ولكن فعل الضد، وسيأتي في كلامه حيث قال: مقتضى النهي فعل الضد ولهذا قيده ابن الحاجب بقوله: طلب فعل غير كف؛ لأن الفعل المطلوب بالنهي هو الكف عن المنهي عنه, والكف فعل على الصحيح. وأيضا فيرد على الحد قول القائل: أنا طالب منك كذا, أو أوجبته عليك، وإن تركته عاقبتك، فإن الحد صادق عليه مع أنه خبر فلا بد أن يقول بالوضع أو بالذات كما ذكره في تقسيم الألفاظ، وقد زاد في المحصول قيدا آخر فقال قبل المسألة الثالثة: إن الحق في حده أن يقال: هو اللفظ الدال على الطلب المانع من النقيض لما سيأتي أن الأمر حقيقة في الوجوب, وتبعه عليه صاحب الحاصل وغيره، والصواب ما قاله المصنف؛ فإن الذي سيأتي أنه حقيقة في الوجوب إنما هو صيغة أفعل. وكلامنا الآن في لفظ الأمر فهما مسألتان وقد صرح بالفرق بينهما الآمدي وابن الحاجب، فأما ابن الحاجب فإنه صحح في أوائل الكتاب أن المندوب مأمور به ولم يحك الخلاف إلا عن الكرخي والرازي. ثم ذكر بعد ذلك في الأوامر أن الجمهور على أن صيغة أفعل حقيقة في الوجوب وهذا هو عين كلام المصنف, ولا يمكن أن يكون مراد ابن الحاجب بالكلام الأول الإطلاق المجازي, فإنه مما لا خلاف فيه كما نقله الآمدي هنا. وأما الآمدي فإنه نقل في أوائل الكتاب عن القاضي أنه مأمور به واقتضى كلامه ترجيحه، ونقل هنا عنه التوقف في صيغة أفعل وصححه فدل على المغايرة قطعا. قوله:"واعتبر المعتزلة" أي: شرطوا في