مذكورة في الكتاب في تراجيح الأقيسة وهذا التقرير اعتمده، وإنما حصر المصنف ناسخ القياس في القياس الأجلى؛ لأن غيره إما نص وإما إجماع وإما قياس مساو للأول وإما قياس أخفى منه ويمتنع نسخه بالكل. أما الأول والثاني فزوال القياس بزوال شرطه كا تقدم. وأما الثالث فلامتناع الترجيح من غير مرجح. وأما الرابع فلاستلزامه تقديم المرجوح على الراجح، وقد تحرر من كلام المصنف أن القياس قد يكون ناسخا، وقد يكون منسوخا لكنه لا ينسخ به إلا قياس آخر أخفى منه كما لا ينسخه إلا قياس أجلى. والذي قاله هو الصواب، وقال في المحصول: يجوز نسخه في زمن الرسول بسائر الأدلة من النص والإجماع والقياس الأقوى. قال: وأما بعد وفاته فهو وإن ارتفع في المعنى فليس بنسخ كما قدمناه، وهذا الذي قاله سهو؛ فإنه قد نص قبل ذلك بقليل على أن الإجماع لا ينعقد في زمن الرسول، وعلى أنه يمتنع نسخ القياس به. لا جرم أنه لم يذكر المسألة في المنتخب، وقال صاحب الحاصل: إن هذا الكلام مشكل, وصاحب التحصيل: إن فيه نظرا ولم يبينا وجه الإشكال، وقد تفطن المصنف للمشكل منه فحذفه. وحكى الآمدي في نسخ القياس عن بعضهم المنع مطلقا، وعن بعضهم الجواز مطلقا, لكن في حياته -عليه الصلاة والسلام- ثم اختار تفصيلا فقال: إن كانت العلة منصوصة فهي في معنى النص فيمكن نسخ حكمه بنص أو قياس في معناه، وإن كانت مستنبطة فإن الدليل المعارض لها وإن كان مقدما لكنه ليس بنسخ, وأما النسخ به فحكى فيه أقوالا، ثالثها: الفرق بين الجلي والخفي. ثم قال: والمختار أن العلة إن كانت منصوصة فهي في معنى النص جواز في النسخ بالقياس المشتمل عليها، وإن لم تكن منصوصة فإن كان القياس قطعيا كقياس الأمة على العبد في التقويم فإنه يكون أيضا رافعا لما قبله من الأدلة لكنه لا يكون نسخا، وإن كان ظنيا فلا يكون نسخا أيضا. وذكر ابن الحاجب في المسألتين نحوا مما ذكره. قال:"الرابعة: نسخ الأصل يستلزم نسخ الفحوى وبالعكس؛ لأن اللازم يستلزم نفي ملزومه والفحوى يكون ناسخا". أقول: فحوى الخطاب هو مفهوم الموافقة كما تقدم. فإذا نسخ أصل الفحوى كتحريم التأفيف فهل يستلزم ذلك نسخ الفحوى كتحري الضرب وكذلك العكس؟ اختلفوا فيهما على مذاهب حكاها ابن الحاجب, ثالثها وهو المختار عنده: أن نسخ الأصل لا يستلزم نسخ الفحوى بخلاف العكس. وقال الآمدي في الأحكام: المختار أنه إن جعلنا الفحوى من باب القياس فيكون رفع الأصل مستلزما لرفع الفحوى بخلاف العكس, وإن جعلناه من باب النص فقال أعني الآمدي لكن في منتهى السول أن المختار أنه لا يلزم من رفع أحدهما رفع الآخر، وذكر في الأحكام نحوه أيضا وجزم في المحصول بأن نسخ الأصل يستلزم نسخ الفحوى، وأما عكسه فنقله من أبي الحسين ولم يرده وجزم المصنف بالأشمرين، واستدل على الثاني وهو أن نسخ الفحوى يستلزم نسخ الأصل بأن الفحوى لازم للأصل، ونفي اللازم يستلزم