قاله في المحصول فما وجه الخلاف؟ قلنا: الخلاف في إطلاق الاسم، وممن نبه عليه القرافي ويتخرج على الخلاف صلاة فاقد الطهورين, إذ صلى الله عليه وسلم أمرنا بها، وفي تسميتها صحيحة أو باطلة خلاف لأصحاب الشافعي, حكاه الإمام في النهاية قولين والمتولي في كتاب الإيمان من التتمة وجهين، وبنى عليهما لو حلف لا يصلي, لكن تفسير الفقهاء منتقض بصلاته المتيمم في الحضر لعدم الماء والتيمم لشدة البرد وواضع الجبائر على غير طهر وغير ذلك, فإنها صحيحة مع وجوب القضاء. وأيضا فالجمعة توصف بالصحة والإجزاء ولا قضاء لها. وقوله:"وأبو حنيفة سمى ... إلخ" يعني أن الحنفية فرقوا بين الفاسد والباطل فقالوا: إن الباطل هو ما لم يشرع بأصله ولا وصفه كبيع الملاقيح وهو ما في بطون الأمهات, فإن بيع الحمل وحده غير مشروع البتة وليس امتناعه لأمر عارض، والفاسد ما كان أصله مشروعا ولكن امتنع لوصف عارض كبيع الدرهم بالدرهمين فإن الدراهم قابلة للبيع وإنما امتنع لاشتماله أحد الجانبين على الزيادة، وفائدة هذا التفصيل عندهم أن المشتري يملك المبيع في الشراء والفاسد دون الباطل.
"فائدة" قال الجوهري: الملاقيح: ما في بطون الأمهات الواحدة ملقوحة من قولهم: لقحت بضم اللام كالمجنون من جن.
قال:"والإجزاء هو الأداء الكافي لسقوط التعبد به وقيل: سقوط القضاء ورد بأن القضاء حينئذ لم يجب لعدم الموجب فكيف سقط, وبأنكم تعللون سقوط القضاء به والعلة غير المعلول, وإنما يوصف به وبعدمه ما يحتمل الوجهين كالصلاة لا المعرفة بالله تعالى ورد الوديعة". أقول: معنى الإجزاء وعدمه قريب من معنى الصحة والبطلان كما قال في المحصول؛ فلذلك استغنى المصنف عن إفرادهما بتقسيمهما وذكرهما عقب التقسيم المذكور للصحة والبطلان، وبين الإجزاء والصحة فرق وهو أن الصحة أعم لأنها تكون صفة للعبادات والمعاملات وأما الإجزاء فلا يوصف به إلا العبادات, فقوله: الأداء أي: الإتيان من قولهم: أديت الدين أو آتيته, ومنه قوله تعالى:{فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ}[البقرة: ٢٨٣] فيدخل فيه الأداء المصطلح عليه والقضاء والإعادة فرضا كان أو نفلا، وادعى بعض الشارحين أن القضاء والإعادة لا يوصفان بالإجزاء لاعتقاده أن المراد بالأداء هو الأداء المصطلح عليه وهو غلط وقد صرح في المحصول بلفظ الإتيان عوضا عن لفظ الأداء فدل على ما قلناه، لكن المصنف تبع في هذه العبارة صاحب الحاصل وقوله:"الكافي لسقوط التعبد به" أي: لسقوط طلبه وذلك بأن تجتمع فيه الشرائط وتنتفي عنه الموانع, واحترز به عما ليس كذلك، وقال في التحصيل إجزاء للفعل: هو أن يكفي الإتيان به في سقوط التعبد به فجعل الإجزاء هو الاكتفاء بالمأتي لا الإتيان بما يكفي, وهو الصواب لأن الاكتفاء هو مدلول الأجزاء. قال الجوهري في الصحاح: وأجزأني الشيء: كفاني. قوله:"وقيل: سقوط القضاء" يعني أن الفقهاء قالوا