مذهب الشافعي الجواز في هذه الصورة, لزم منه الجواز فيما قبلها بطريق الأولى. قال في المحصول: وهذا الخلاف يجري فيما لو قال القارئ للشيخ بعد القراءة: أرويه عنك؟ فقال: نعم, وحكم قراءة غيره عليه كحكم قراءته في الأحوال المذكورة كما قاله ابن الحاجب وغيره, واعلم أن تصوير هذه المسألة مع الاستفهام مخالف لتصوير المحصول والحاصل, فإنهما صوراها بما إذا جزم القارئ فقال: حدثك ولا شك أن السكوت على هذا لو لم يكن صحيحا لكان تقريرا على الكذب, بخلاف السكوت عند الاستفهام, فلا يلزم من جواز الرواية هنا جوازها هنا مع الاستفهام. الخامس, وقد تقدم أن الإمام جعله في المرتبة الثالثة: أن يكتب الشيخ فيقول: حدثنا فلان ويذكر الحديث إلى آخره, فحكمه الخطاب في العمل والرواية، إذا علم أو ظن أنه الخط؛ لأنه لا يقول: سمعته ولا حدثني بل أخبرني قال الآمدي، ولا يرويه إلا بتسليط من الشيخ كقوله: فاروه عني أو أجزت روايته. السادس: أن يشير الشيخ إلى كتاب فيقول: سمعت ما في هذا الكتاب من فلان أو هذا مسموعي منه أو قرأته عليه, فيجوز للسامع أن يرويه عنه سواء ناوله الكتاب أم لا, خلافا لبعض المحدثين, وسواء قال: اروه عني أم لا, كما له أن يشهد على شهادته إذا سمعه يؤديها عند الحاكم، ويؤخذ ذلك كله من إطلاق المصنف، ومقتضى كلام الآمدي اشتراط الإذن في الرواية. وهذا الطريق يعرف بالمناولة فيقول الراوي: ناولني أو أخبرني أو حدثني مناولة, وفي إطلاقها مذهبان, ولا يجوز له أن يروي عن غير تلك النسخة إلا إذا أمن الاختلاف. السابع: أن يجيز الشيخ فيقول: أجزت لك أن تروي عني ما صحّ من مسموعاتي أو مؤلفاتي أو كتاب كذا قال الآمدي: وقد اختلفوا في جواز الرواية بالإجازة, فمنعه أبو حنيفة وأبو يوسف، وجوزه أصحاب الشافعي وأكثر المحدثين، فعلى هذا يقول: أجاز لي فلان كذا وحدثني وأخبرني إجازة. قال: وفي إطلاق حدثني وأخبرني مذهبان، الأظهر وعليه الأكثر أنه لا يجوز, وصححه ابن الصلاح أيضا. ونقل عن الشافعي قولان في جواز الرواية بالإجازة, ومقتضى كلام المصنف صحة الإجازة لجميع الأئمة الموجودين, أو لمن يوجد من نسل فلان، وفيهما خلاف, رجح ابن الحاجب في الأولى أنه يجوز، ولم يرجح في الثانية شيئا وصحح ابن الصلاح في الثانية أنه لا يجوز, ولم يصحح في الأولى شيئا، قال: واختلفوا في جواز الإجازة للصبي الذي لم يميز وجواز الإجازة بما لم يتحمله المجيز ليرويه المجاز, إن اتفق أن المجيز تحمل ثم صحح الجواز في الأولى والمنع في الثانية. قال الآمدي: وإذا غلب على ظنه الرواية فيجوز له روايته والعمل به عند الشافعي وأبي يوسف ومحمد خلافا لأبي حنيفة. فإن قيل: أهمل المصنف الوجادة, وهي أن يقف على كتاب شخص فيه أحاديث يرويها، فإنه يجب على الواقف عليها أن يعمل بها إذا حصلت الثقة بقوله, وإن لم يكن له من الكاتب رواية كما نقله ابن الصلاح عن الشافعي -رضي الله عنه- وصححه, قلنا: إنما أهملها